تحقيقات وحوارات
كوبري الدباسين .. بين فساد الذمم وسراب الانتظار
كوبري الدباسين .. بين فساد الذمم وسراب الانتظار
الخرطوم انفراد نيوز
يُمثل كوبري الدباسين، شمال محلية جبل أولياء، والذي يربط منطقة الدباسين بالضفة الشرقية على النيل الأبيض، ومنطقة القيعة الواقعة بالريف الجنوبي لمحلية أم درمان، جُزءاً أساسياً من الطريق الدائري الثاني، ويعادل طوله (1670) متراً كأطول جسر في أفريقيا، بينما تُمثل المساحة بين العلبة الداعمة للكوبري والشاطئ 400 متر، ويبلغ عرض الكوبري (18.5) متر، بعدد 4 حارات، وصمّمت مسارات الحركة على أساس مسارين لكل اتجاه، ويتكون الكوبري من 29 باكية بطول 60 متراً.
بدايات مُتعثِّرة
بداية المشروع كانت في العام 2004، ولكن حدثت العديد من المشكلات التي وقفت عقبة أمام انتهاء المشروع في ظل وجود النظام السَّابق، حيث تعاقب عليه (6) ولاة في تلك الفترة وعدد من الوزراء، إضافةً إلى عدد من الشركات الأجنبية والمحلية، وتوقّف العمل فيه نتيجة للمعوقات الإدارية، رغم اكتمال عدد من الجسور الأخرى التي بدأت مُتزامنةً معه. وبحسب خُبراء، فإن الجسر ليست به مشاكل من الناحية الفنية.
استأنفت مجموعة الأطراف المُشاركة في المشروع، أعمالها مجدداً في نوفمبر 2019، بعد فترة التوقُّف الطويلة التي لازمته والتي تتجاوز 15 عاماً منذ انطلاقته التي أثارت كثيراً من الأسئلة حَول مصيره ومصير الأموال التي صُرفت خلال تلك الفترة.
(السياسي) سَجّلَت زيارة ميدانية للمشروع، حيث يجري العمل الآن على قدم وساق من أجل إنجازه في الموعد المُحَدّد بعد أن تعطّل كثيراً.. فريق الصحيفة التقى بمُديري المشروع أحمد عبد الرحمن من جهة المالك والذي يُمثل وزارة البنى التحتية والمواصلات، وذ محمد الطيب من جهة المقاول والذي يُمثل شركة تارجت العقارية، وهما يقفان على أعمال صَبّ الجُزء العلوي من الجسر.. وتكمن أهمية الجسر في أنه يأتي مُكملاً لحلقة الطريق الدائري بين مدينتي الخرطوم وأم درمان، والذي من شأنه أن يُساعد في حل مُشكلة الاختناق المُروري بالخرطوم، إضافةً إلى أنّه معبر يربط وسط الخرطوم بالمطار الدولي الجديد، بجانب ربطه لمحلية أم درمان وجبل أولياء.
أوضح أحمد عبد الرحمن حمد مدير المشروع من جهة المالك في حديث لـ(السياسي)، أن أطراف المشروع تتمثل في المالك للمشروع وهو هيئة الطرق والجسور، والاستشاري شركة نيوتك الهندسية، والمقاول شركة تارجت العقارية، وقال إن العمل جارٍ الآن في صَبّ الجُزء العلوي، وأفاد باكتمال المنشأ التحتي بنسبة 100%، وتم صَبّ بلاطة السقف (المنشأ العلوي) بنسبة 25%، مُنوِّهاً على أنّ مراحل عمل المشروع مُتراكبة، وقال إن الكوبري يحتوي على 29 باكية، بطول 1670 متراً، واكتمل منه تركيب 20 باكية من أعمال الحديد، ومُتوقّع إكمال الـ9 الباقية بعد الفيضان، وأوضح أنّ هنالك 3 بواكٍ مُكتملة التصنيع في الصين، مؤكداً جاهزيتها للشحن، بينما أنّ هُناك بواكٍ أخرى مُكتملة بنسبة 90% موجودة بجمهورية مصر العربية، هذا فيما يتعلّق بالأعمال الحديدة، وتوقّع نهاية الأعمال بالمشروع منتصف العام القادم.
فوائد عديدة
من جهته، تَحَدّث الخبير الهندسي جلال أحمد علي لـ(السياسي)، موضحاً افتقار البلاد لعمل التخطيط الاستراتيجي والإحصائيات، ولكنه يرى ومن منظور عدسة المسؤولين عندما قرّروا إنشاء المشروع، أنّ الحركة بين المنطقتين في الخرطوم وأم درمان والتي يصل الجسر بينهما ضعيفة أو بالأصح غير محسوبة، نسبةً لنقص الإحصائيات، والتي يجب أن توضح عدد المُواطنين المُستفيدين من المشروع بصورة دائمة، ولكن من المُلاحظ أنّ الكثافة السكانية في تلك المناطق مرتفعة، ودائماً في ازديادٍ مُضطردٍ، وهناك عاملٌ آخر مُهمٌ وهو مشروع المطار الجديد الذي سيُقام بالمنطقة، وهنا يتوفّر لدينا عاملان مهمان متمثلين في الكثافة السكانية ومشروع المطار الجديد، وأوضح جلال أنّ التقاء الكثافة السكانية بالمنطقتين من شأنه أن يخلق مراكز تجارية جديدة، وأن يخفف الضغط على المراكز التجارية المحصورة في أم درمان بحري والسوق العربي، وكذلك التخفيف على الجسور والأنفاق الموجودة في النيل الأبيض والفتيحاب، وأفاد أن تنفيذ المشروع قد استغرق وقتاً طويلاً، حيث انطلق في بدايات الألفية الثانية، واعتبر أنّ تسليم المشروع في منتصف العام المقبل خطوةً جيدةً في ظل الركود الاقتصادي الذي تمر به الدولة.
تحتاج الخرطوم إلى مثل هذه المشاريع، لتتغلّب على مُشكلة الاختناق المُروري، إضافةً إلى تخفيف الأعباء على المُواطنين، وتقليل الوقت المُهدر سواء كان ذلك في بُعد المسافة أو توقُّف الحركة المرورية، إضَافَةً إلى الوقود الذي يهدره المُواطن في القيادة لمسافات طويلة، حيث يختصر الجسر هذه المسافات ويجعل من جنوب أم درمان منطقةً استراتيجية.