رأي
أعلي المنصة ياسر الفادني نيويورك… عودة السودان إلى المسرح الدولي وصفعة في وجه المليشيا
من أعلي المنصة
ياسر الفادني
نيويورك… عودة السودان إلى المسرح الدولي وصفعة في وجه المليشيا
في مشهد يُعيد السودان إلى دائرة الضوء، يقود رئيس الوزراء د. كامل إدريس وفد البلاد لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، هذه الخطوة ليست مجرد حضور بروتوكولي عابر، بل تبدو كاختراق دبلوماسي محسوب يعيد ترتيب المشهد السوداني الخارجي، ويرسل رسائل مدوّية إلى الداخل والخارج على السواء
أول ما يمكن قراءته من هذه الزيارة هو الإعتراف العملي بالحكومة السودانية الحالية، إذ إن تمثيلها على هذا المستوى الأممي يقطع الطريق أمام محاولات المليشيا وداعميها الإقليميين للتشكيك في شرعيتها أو تصويرها كسلطة معزولة، مجرد إستقبال إدريس في أروقة الأمم المتحدة، وجلوسه إلى الطاولة مع رؤساء ووزراء من مختلف دول العالم، يكسر الصورة التي حاولت الآلة الدعائية للمليشيا ترسيخها بأن السودان دولة منبوذة بلا سند دولي
الزيارة كذلك تحمل رسائل مباشرة إلى دويلة الكفيل التي غذّت الفوضى وموّلت الخراب، مفادها أن السودان بدأ يستعيد قراره السيادي ويتحرك بثقة في المنابر الدولية، بعيداً عن وصاية المال السياسي أو رهان أمراء الحرب، وجود إدريس في نيويورك قد يفتح أبواباً جديدة للمساعدات الإنسانية والدعم التنموي، وربما يهيئ الأرضية لرفع مستوى التعامل الاقتصادي والدبلوماسي مع الخرطوم، هذا الانفتاح لن يمر مرور الكرام على العواصم التي استثمرت في الفوضى، وسيشكل مصدر إزعاج لمليشيا فقدت كثيراً من رصيدها الخارجي
النتائج المتوقعة لا تقتصر على الصورة الرمزية، بل تشمل فرصاً عملية: تعزيز الاتصالات مع الدول الكبرى حول إعادة الإعمار، تحريك عجلة الدعم الأممي للجهود الإنسانية، وربما الدفع نحو مبادرات سلام أكثر جدية تحاصر نفوذ المليشيا، إدريس بخبرته الدولية الطويلة قادر على مخاطبة المجتمع الدولي بلغة يفهمها، مستفيداً من سمعته المهنية ومن عطش العالم لرؤية السودان يعود كدولة مستقرة وفاعلة
نيويورك هذه المرة ليست مجرد محطة دبلوماسية، بل منصة لإعادة تموضع السودان في المشهد الدولي، الخطوة تمثل اختراقاً إيجابياً يربك خصوم الداخل، ويغيظ ممولي الخراب في الخارج، ويفتح نافذة أمل لشعب أنهكته الحرب والخذلان.


