رأي

علاء الدين محمد ابكر يكتب ✍???? اتفاقية الاطاري يا ليتها كانت القاضية علي الكيزان والفلول

علاء الدين محمد ابكر يكتب ✍???? اتفاقية الاطاري يا ليتها كانت القاضية علي الكيزان والفلول

ذهب اعرابي الي الوالي طالب منه العون والمساعدة ولكنه لم يجد منه الا السخرية وامعان في المزيد من التهكم قام الوالي بارسال الاعرابي الي قاضي المدينة ليشكوا عنده الفقر وعندما ذهب الاعرابي الي القاضي قام الاخير بطرده ساخر منه ولكن صاحبنا الاعرابي وجد تعاطف من كاتب القاضي والذي طلب منه ان يذهب الي زوجة القاضي لعل وعسى ان تعمل علي اقناع زوجها القاضي بان يجد له حل وهذا ما كان بالفعل عندما طلبت زوجة القاضي من الاعرابي بان ياتي صباح اليوم التالي ويترك راحلته بجوار مقر القاضي وفي اليوم التالي فعل الاعرابي ما قالته له زوجة القاضي وبالفعل قام الحاجب باستدعاء الاعرابي للمثول بين يدي القاضي الذي امر للاعرابي بعطاء وفير يتكون من غذاء وكساء وغيرها من المساعدات الضرورية بمقدار ما يحمله البعير وهنا انشد الاعرابي هذه الابيات والتي تقول

أقاضٍ ولا تمضي أحكامه
وأحكام زوجته ماضية

ولا يقضِ حكماً إلى مدّعٍ
إذا لم تكُ زوجتهُ راضية

فحازت هي العدل في قولها
وألقت بظلمه في الهاوية

فمن عدلها أنها أنصفت
فقيراً من الفقر في البادية

فيا ليته لم يكن قاضياً
ويا ليتها كانت القاضية

ابيات شعر ذاك الاعرابي هي لسان حال بلادنا التي تعيش ازمة سياسية خانقة والشعب السوداني طفح به الكيل وهو محتار في امر هولاء السياسيين الذين نصبوا أنفسهم قادة عليه عقب ثورة ديسمبر فقد خرجت الجماهير تبحث عن واقع افضل في شتي المجالات ومن ضمنها الملف الاقتصادي فالجميع يعرف ان السودان بلد غني جدا ولا يحتاج الى مساعدات الغير فقط يحتاج الي ايادي نظيفة وعقول مستنيرة تعرف كيف تقود البلاد الي افاق جديدة

كان بالامكان تجاوز كل ماحدث من ضياع لسنوات ماضية من عمر الثورة اذا جلست القوي السياسية لاجل تفادي اخطاء الماضي خاصة التي صاحبت ثورة ٢١ اكتوبر ١٩٦٤ وانتفاضة السادس من ابريل ١٩٨٥م ولكن بكل اسف لم تستوعب القوي السياسية ما قاد سابقا الي انهيار تلك التجارب الانتقالية بالرغم من مرور فترة ثلاثين عام من حكم المخلوع البشير الذي لايختلف كثيرا عن فترات حكم الراحل الجنرال ابراهيم عبود والراحل الجنرال جعفر النميري من حيث القمع والاستبداد والتمكين لقد كانت الثلاثين عام الماضية تعتبر فترة كافية للقوي السياسية لوضع تصور لمرحلة ما بعد سقوط النظام واتباع استراتيجية موحدة تضم كافة القوى السياسية المعارضة لنظام البشير تعمل علي رسم مستقبل مشرق للسودان يضمن التوزيع العادل للثروة بين كافة المواطنين واقامة دولة ديمقراطية مدنية كاملة الدسم ولكن بكل اسف لم تكن المعارضة انذاك موحدة حيث انقسمت إلى جماعات وحركات مثل قوي الاجماع الوطني و نداء السودان و الجبهة الثورية وحتي تجمع الحرية والتغير الذي تشكل قبل سقوط النظام بثلاثة اشهر لم يسلم هو الاخر من الانشقاقات مما قاد الي وجود ثغرات تمكن من خلالها فلول النظام البائد من العودة الى الواجهة السياسية مرة أخرى عن طريق قوي ثورية كانت تعارضها في الماضي

ان الاتفاق الاطاري الاخير سوف ينهار اذا سمح لفلول النظام السابق من العودة الى الحياة السياسية مرة أخرى عبر ما يعرف بالكتلة الديمقراطيه لن يقبل الشعب بمشاركة الفلول وخاصة المدعو الناظر ترك الذي استغل ازمة مسار الشرق في العبث بامن البلاد وتهديد اقتصادها باغلاق مواني والطرق القومية بشرق السودان والناظر ترك هذا يعتبر من ابرز فلول النظام البائد ، وحتي جماعات الاسلام السياسى المعتدل مثل الشعبي وانصار السنة لاتسحق التواجد في الفترة الانتقالية ولكن لاضير في ان تشارك في الانتخاب ولكن هذه المرحلة هي مرحلة صيغة الدولة السودانية ووجود هذه العناصر سوف يعرقل عمل التشريعية بحكم احساسهم بالتعاطف مع الاسلاميين وهي ذات الأخطاء التي وقعت فيها القوي السياسية عقب انتفاضة السادس من ابريل 1985 عندما سمح انذاك لحزب الجبهة القومية الاسلامية بالمشاركة في العملية السياسية بالرغم انها كانت شريك لنظام الرئيس الراحل الجنرال محمد جعفر النميري مما قاد لاحقا انذاك الي تعطيل الكثير من التشريعات كانت تهدف الي ازالة تمكين نظام الخامس والعشرين من مايو لسنة 1969 وخاصة قوانين سبتمبر 1983 التي من خلالها استعرض الاسلاميين عضلاتهم علي المهمشين من ابناء السودان وينتهي المشهد بانقلابهم علي ذات الديمقراطية التي منحتهم قبلة الحياة اذا يجب عدم تكرار اخطاء الماضي باستيعاب الاسلاميين وان اختلفت الوانهم السياسية

لا معني للاتفاق الاطاري اذا لم يتم استبعاد الاصوات التي تريد تعطيل عمل لجنة ازالة التمكين المغضوب عليها من جانب ازلام النظام السابق فلجنة ازالة التمكين تعتبر هي قلب الثورة النابض

يجب ان لا تنظر القوي السياسية الي الاتفاق الاطاري علي انه غنيمة حرب لتقاسم السلطة بل يجب ان يكون الاطاري اتفاق تاريخي يقود إلى توحيد قوي الثورة وتحديد من هم اعداء الشعب وتميزهم عن الثوار الاحرار الشرفاء سواء كانوا مدنيين او عسكريين وهنا يجب علي الناس ان تعترف بدور قوات الدعم السريع وقائدها الذي لعب دور كبير في قطع الطريق علي الاسلاميين في الرجوع إلى المشهد السياسي فالجنرال محمد حمدان دقلو يعتبر صمام أمان الثورة فقد لعب دور كبير في احباط عزيمة المخلوع البشير في استخدام خيارات عديدة منها القوة العسكرية لفض الاعتصام في مرحلته الأولى و حث العقلاء علي عزل البشير من السلطة في الحادي عشر من ابريل ٢٠١٩ وقد كانت خطوة ايجابية فالجيش الذي حسم الامر كما كان يفعل دائما له علي مر التاريخ مواقف مشرفة في اكتوبر ١٩٦٤ وابريل ١٩٨٥ اذا بالتالي يجب تقدير دور القوات المسلحة والدعم السريع فالاتفاق الاطاري ضمن لهم التواجد من خلال مجلس الدفاع والامن لاجل حماية امن البلاد ويجب كذلك تحية جهود الثوار الذين حرسوا الثورة ومنعوا سقوطها يوم الخامس والعشرين من اكتوبر التي تعتبر انقلاب غير موفق كان يمكن تجاوزه اذا احتكم الطرفين ( العسكر والمدنيين) الي مرجعية سياسية متفق عليها مثل البرلمان او المحكمة الدستورية وهذا ما يجب الإنتباه اليه حتي لا يتكرر ماحدث في الخامس والعشرين من اكتوبر 2021م مرة اخري وذلك بالاسراع بتشكيل المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية

وتبقي الكرة في ملعب القوي السياسية في النظر الى مصلحة الثورة والشعب قبل التفكير في تولي المناصب العليا بالدولة وذلك باتاحة الفرصة في المجلس التشريعي لكافة الثوار الاحرار وعدم ربط اختيار العضوية له بالانتماء الي حزب سياسي او تجمع معين فالجميع يستحقون المشاركة في صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وذلك عبر اشراك الشعب من خلال تنظيم استفتاء شعبي للدستور المقبل واقامة ندوات ولقاءات سياسية في كل انحاء البلاد للتبشير بالدولة المدنية وترسيخ قيم الديمقراطية

يجب تجنب اخطاء الماضي بعدم ترك الحبل على الغارب لرئيس الوزراء القادم والذي يجب ان يخضع الي مراجعة من برلمان قوي يكون رقيب علي الاداء الحكومي والدفاع عن حقوق الشعب السوداني خاصة في حقه في العيش الكريم

والسلام يجب ان يكتمل وذلك باعلان تفاوض مع الحركات الممانعة والجلوس معهم لاجل سلام. حقيقي يضمن استقرار البلاد
وازالة تركة ثقيلة من الماضي اضرت بوحدة البلاد خاصة الاجتماعية وتحديد تلك التي تسببت في اشتعال الحرب في مطلع الاستقلال 1955م والتي لم تتوقف حتي اليوم بالرغم من انفصال جنوب السودان والذي ظن البعض انه بمجرد ان تكون جوبا عاصمة مستقلة للشطر الجنوبي للبلاد سوف تنتهي كل المشاكل ولكن ذهبت احلامهم ادراج الرياح وذلك بسبب عدم الاعتراف بالاسباب الاساسية التي دعت بعض السودانيين الي حمل السلاح ومنها عدم توفر الثقة بين الطرفين و التهميش الاجتماعي والثقافي والديني وهذا شي يرجع الى فترة طويلة من الكراهية كانت قبل وبعد دخول جيش محمد علي باشا والي مصر العثمانية 1821 والذي حاول استغلال ثروات البلاد ومنها الاستعانة بالرجال في بناء جيش قوي يحمي به امبراطورية كان يخطط لها تمتد من الشام شمال والحجاز شرقا و الاجزاء الجنوبية لوادي النيل الي تخوم النيل الاصفر غربا (والنيل الاصفر هو مجري قديم كان يتصل بنهر النيل يجري من غرب دارفور مخترق الصحراء الفاصلة مابين شمال دارفور وشمال كردفان ليصب في نهر النيل) اعتمد محمد علي باشا علي تجار الرقيق في دعم جيشه بالجنود الاقوياء وبما ان التاجر علي مر العصور كان ولايزال يتمتع بالجشع فقد اسرف هولاء التجار الجشعين في اصطياد ابناء مناطق من الاجزاء الجنوبية لما يعرف اليوم بالسودان مما ولد مرارت لاتزال مصدر جدل كبير حتي اليوم والتي يعتمد عليها بعض من العنصريين الجدد الذين ظهروا تحت مسمي ( النهر والبحر) في محاولة منهم الي اقامة ابرتهايد جديد بعد ما انتهي في جنوب افريقيا قبل ثلاثين عاما ولكنه تجدد مع حكومة الاسلاميين التي سمت نفسها بالانقاذ الوطني فسعت الي اشعال حروب دينية و عزل السودان عن محيطه الافريقي والدولي والزج به في صراعات لا ناقة للسودان فيها ولا جمل مما اثر علي الامن القومي للبلاد

سقط ازلام النظام الدكتاتوري ولكن بكل اسف لاتزال بصماتهم السلبية موجودة حتي اليوم في البلاد ولم تمتلك الحكومة الانتقالية الشجاعة الكافية لاصدار قرارات بإزالتها و حتي التي ازيلت عبر لجنة ازالة التمكين عادت عقب انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر 20121 بشكل صارخ

الثورة ثورة كل الفئات العمرية ولا يجب حصرها في فئة الشباب بالرغم من انهم فيصل مهم ولكنها عبارة دسها اعلام النظام السابق لتقسيم الثورة ومن ثم الاجهاز عليها

اذا لم تحل كافة الازمات التي صاحبت قيام الدولة السودانية في العام 1956م من تهميش وظلم فلن ينعم السودان بالاستقرار وسوف تستمر الحروب الداخلية واطماع دول الجوار والدول الكبري وحتي الدول والتي ما كانت حتي بالامس القريب تملك اثر في الخارطة العالمية هي اليوم تشارك في انتهاك سيادة البلاد ونهب ثرواتها والشي الذي ساعدهم على ذلك هو ضعف الوحدة الوطنية ما بين السودانيين

الحركات الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام تحتاج الى الاسراع في اكمال ملف الترتيبات الأمنية والدمج واعادة التسريح وتحويلها الي احزاب سياسية غير مسلحة لتعمل في اطار دولة القانون والمؤسسات ولكن لا فائدة للسلام اذا لم يتضمن مشاركة الاستاذ عبد الواحد محمد نور رئيس حركة جيش تحرير السودان والقائد الفريق عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية فالحل التام للمشكلة السودانية يعتمد على استحضار الماضي لضمان حلول للمستقبل بالتالي يجب التحلي بالشجاعة خاصة في مسالة فصل الدين عن الدولة وحق السودان في اقامة علاقات دولية وفق مصالحه وليس بناء علي اجندة دول اخري كما كان يفعل نظام الكيزان

لا يجب ان تتوقف مشاركة جموع الثوار علي العمل السياسي فحسب بل يجب ان تشمل المشاركة حتي عملية الاصلاح العسكري والامني وذلك من خلال اعادة الثقة مع الاجهزة الامنية والعسكرية والتي ينبغي ان تعمل وفق القانون واحترام حقوق الانسان والعمل علي استيعاب افراد يكونوا اكثر ايمان بمباديء الثورة خاصة في جهاز الامن الداخلي المقترح الذي سوف يعتمد علي المعلومات كسلاح لحماية الثورة وهنا يجب ان يكون لنشطاء اعلام الثورة حيز كبير في ذلك الجهاز الامني المقترح بما يملكونه من خبرات و ولاء كامل للثورة

يجب استبدال القانون الجنائي لسنة 1991 واعتماد قانون يراعي حقوق الانسان واحترام المرأة ومحاكمة ازلام النظام البائد، وفق قانون ثوري يضمن استرداد اموال الشعب والقصاص العادل من كل من تسبب في ازهاق ارواح الشهداء

اذا لم يعي الشعب بما يحدث في الساحة السياسية و حتي يكون قادرا على حماية ثورته فانه بلا شك سوف يكون مصيره مصير صاحبنا الاعرابي الذي قال

أقاضٍ ولا تمضي أحكامه
وأحكام زوجته ماضية

ولا يقضِ حكماً إلى مدّعٍ
إذا لم تكُ زوجتهُ راضية

فحازت هي العدل في قولها
وألقت بظلمه في الهاوية

فمن عدلها أنها أنصفت
فقيراً من الفقر في البادية

فيا ليته لم يكن قاضياً
ويا ليتها كانت القاضية

فالشارع السوداني الثائر لن يقبل بأنصاف الحلول والحل كما يقال في البل وذلك باقامة دولة القانون والمؤسسات الدستورية التي تحترم كرامة الانسان السوداني

المتاريس
علاء الدين محمد ابكر
????????????????????9770@????????????????????.????????????

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق