رأي
من أعلى المنصة ياسر الفادني بلحة وتمره !!
من أعلى المنصة
ياسر الفادني
بلحة وتمره !!
أوصى إعرابي إبنه فقال: يا بني لا تغرنك بشاشة إمرئ حتى تعلمن ما وراءها ، فإن دفائن الناس في صدورهم ، وخدعهم في وجوههم ، هذا الأعرابي كأنه يوصف السياسيون في هذه البلاد وقد تجاوزوا مرحلة النفاق السياسي والذي علامته ثلاث ، صاحبه إذا حدث كذب واذا اؤتمن خان وإذا خاصم فجر وإذا اردت أن توصفهم : إذا تحدث الأول وقيل لك اوصفه ؟ تقل : بلحة ! وإذا تحدث الثاني وسئلت : بماذا تنعته ؟ يكن ردك : تمره !
الحزب الشيوعي وأحزاب الحرية والتغيير المركزي مضمونها واحد لكن تتلون أشكالها الاول يظهر عداءه للثاني والثاني من ينضمون حوله إخوة رضاعة للأول ، أفلح الاول بنجاح باهر في إدخال عناصره داخل الثاني بجدارة ولم يكتفي بذلك بل أدخل آخرين في عدد من الأحزاب السياسية الأخرى وحتي الإسلاميين لم يسلموا من ذلك ! ، يتفقون علي شييء ظاهرا ويختلفون علي أشياء لكن الإتفاق والخلاف كله يخدم الحزب العجوز ويلبي طموحاته وهي عدم وجود مشهد سياسي مستقر و واضح المعالم في البلاد منذ ثلاث سنوات ، إذن الإثنان أحدهما بلحة والآخر تمره
الشكل واللون والطعم السياسي في الذوق السياسي في هذه البلاد يشبه مكونات خضار البامية الذي يمكن أن يشكل إلي ثلاث أشكال وألوان ( بامية مقمعة) ! أو(مفروكة) ! أو( ملاح ويكة ) ولو رجعنا إلي اصل هذه الوجبات نجد أن البامية هي الأصل، لا جديد نراه في الطبخة السياسية ولا تنوع ولا تشكل فيه فائدة متنوعة ، حزب الأمة إنقسم إلي عدة أحزاب سياسية أخري الاتحادي تشظي إلي عدد من الكتل الحرية والتغيير (اتفرتقت طوبة طوبة) ! الاسلاميون صاروا ليسوا علي قلب رجل واحد ، لم نسمع أن حزب إنفصل عن أمه رجع إليها !! بل كل يوم يمر يزيد الخلاف بينهما ، المؤتمر الشعبي أعلن إنفصاله عن المؤتمر الوطني حين قرار وزعلة من الترابي وحتي الآن العداء بينه وبين امه المؤتمر الوطني أكبر من العداء بينه وبين الحزب الشيوعي بل بعد من عرابيه تحسبه يساري متزمت متطرف !!
أصاب هذا المرض حتي المبادرات التي كتبت وتم وضع رؤي من جهات مختلفة من عدد من الجهات السياسية مبادرات كل مبادرة ينكفيء عليها من وضعها ويعتبرها هي المثلي وهي الأفضل وغيرها يجب حتي أن لا يلتفت إليها، المبادرات الرأي فيها ركز علي من الجهة التي كتبتها ؟ حكما وليس ماجاء فيها من فكرة ، وهذا ما يسمي في مشهد الرأي السياسي (بالشوف في زمن الكباس ) !
أربع مبادرات قدمت لحل الأزمة السودانية ، مبادرة الحرية والتغيير التوافق الوطني ، ومبادرة نداء أهل السودان ومبادرة التغيير الجذري ومبادرة الترتيبات الدستورية كلها بعضها يتفق علي أشياء ويختلفون علي الأغلب فيها ، كل صاحب مبادرة يغني علي ليلاه ويروج لها ويحاول أن يجذب لها الأخيرين بوصلة (الليلة هوي ياليلة) !! و كثرة المصفقاتية والنتيجة سمك ، لبن ، نبق ، تمر هندي !
الوضع السياسي السوداني الماثل أمامنا مالم يتغير الوصف من هذه بلحة وهذه تمره !! لا يسير إلي الأمام المرتجي ، ولو لم يتغير تشكيل البامية السياسية !! بالوانها المختلفة إلي لحوم وفوم وبصل وعدس لا يصح الجسم السياسي ولا يكون معاف من أمراض سوء التغذية السياسية ، وإن لم تنتهي عبارة سمك ،لبن ، نبق ، تمر هندي لا يتم إتفاق سياسي وسنظل هكذا كما قيل : واقفين بين بيت (حمد وخوجلي) ! .