رأي

سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب ( دموع ود سلفاب وخبرة ود باقير وكهربة ام درمان الحردانة

سفر القوافي
محمد عبدالله يعقوب
( دموع ود سلفاب وخبرة ود باقير وكهربة ام درمان الحردانة )
( 1 )
قيل والعهدة علي الراوي. ۔۔
حدث ذلك فى العام 1996م عندما كان صديق الفنان مصطفى سيد احمد البروفيسور مكى فى إجازة بالسودان ، فجاشت روح الفنان الإنسان الشفيف مصطفى سيداحمد ، وفاضت بها الأشواق وحملتها الذكريات لودسلفاب وطنه الصغير .. فطلب من صديقه عبر الهاتف أن يذهب لحواشة جده في ود سلفاب ومن تحت تلك الشجرة الوريفة والتى قضى تحتها أجمل لحظات عمره ، أن يخمش بيده خمشة من ترابها وياتيه به فى الدوحة حيث كان يقيم ، اذ حالت ظروفه من العودة وملامسة تراب الوطن بسبب سياسة نظام الانقاذ الباطش بالمعارضين وقتها .. ففعل البروف الصديق ولم يكن يعصى أمرا للإنسان الفنان الحنين ، فحمل التراب فى كيس صغير وأتى للدوحة وذلك العاشق الوله ينتظر فى مطارها فى الخارج يتحرق شوقا لحفنة التراب ..
وحطت الطائرة رحالها هناك وبدأ المسافرون بمغادرة المطار إلا البروف مكى والذى اشتبهت فيه سلطات الجمارك .. فى أغرب حادثة ضبط أذهلت الجميع .. وشك الضابط فى الامر وكان أكثر هواجسهم من الدجل والشعوذة والسحر .. فاستمات البروف فى إقناع الضابط المقدم ناصر الشيلينى مسئول الجمارك وقتها ووزير الدولة بالداخلية لاحقا .. وبعد جهد جهيد أمر بإحضار المتهم الفنان مصطفى سيد أحمد بحب الوطن وادمان ترابه .. وأخذ الضابط يستجوبه .. ولمح مصطفى الكيس على المنضدة فمد يده وتناوله وفتح الكيس وأخذ يقبل التراب ويشمه وهو يبكى بعبرة … وحينها لم يتمالك الضابط نفسه وانفجر باكيا بشدة ۔
( 2 )

نجم الدين الفاضل مطرب معتق وفنان من جيل الحداثة ، تشببنا على صوته المميز وأعنياته الرائعات في ثمانينات القرن الماضي ، ولكن هاجر ومن ثم عاد وتمكن منه المرض لفترة ليست بالقصيرة قبل سنولت ، ولكنه تعافى وعاد قويا بأغنياته المميزة ومازل ينعم بجودة الصوت واللحن والتطريب قلت له :عرفك الناس بأغنيات مثل (قطعة سكر، حليلك يا أسمر، سحروك ولا أدوك عين، المنعوك أهلك وود باقير ما قلت خبير) ثم لم تشرق لك شمس أغنية جديدة كيف تفسِّر هذا؟
فقال : أقول إن أغلب المطربين قد تكون لدى أحدهم أكثر من 60 أغنية غير أن المتداولة لدى الناس لا تتجاوز العشرين ولديَّ أعمال جديدة بعد أن أصبحت المنابر متعددة ومتاحة وهذه الأعمال أراهن عليها فإن لم تتفوق على سابقاتها فإنها ستكون بذات ألقها.
فقلت له : إذن لماذا توقّف تعاونك مع اللواءالشاعر الراحل أبو قرون عبدالله ابوقرون ، فمسح دمعة حانية واردف : لم يتوقف هذا التعاون، فهو قد ظل حتى وفاته يقرأ عليّ كل قصيدة جديدة يكتبها غير أن ظروفي هي التي حالت دون التعاون بيننا من جديد فهو رجل مبدع وقدّم لي (قالوا قطعة سكر) و(عتاب).
فسألته عن أغنية ( يا ود باقير ما قلت خبير) من هو شاعرها وما هي قصتها؟
فقال : هي أغنية تراثية سمعتها من عائلة كريمة ترتبط بمنطقة البطانة وتحكي قصة رحلة قام بها أحد الشيوخ أو النظار وتاه في الطريق فخاطب سائقه بقوله ( يا ود باقير ما قلت خبير وين السلمة وين درب أم دير؟) فيرد السائق المحهد (يا شيخنا خلاص الشفقة تطير هداك الوادي وداك درب أم دير ) فتممر فتاة جميلة حاملة جرة الماء فيعحب الشيخ بمشيتها فيقول ( تتعرجن في الحيشان زي القائد حامل النيشان ) ،
فقلت له : هذه رمزية جميلة وواضحة لأول الكلية الحربية من الطلبة الحربيين عندما يخطو حاملا السيف نحو القاۑد العام لتسلم كأس التخرج ۔۔ انه شعب يتنفس العسكرية شيوخا وفتية ۔ فضحكنا معا ۔۔ حياه الله اينما كان ۔
( 3 )
محير جدا أمر كهرباء ام درمان الكبرى ، قالوا انن العطل في مروي ، وقالوا في المرخيات ، وقالوا ( شالوا حط من ام درمان ادوهو ناس الشمالية ) ، وقالوا ان قطع الغيار ارسلت للمحطة التحويلية ب DHL من المانيا ، وقالوا ان الجنجويد قد ضربوا الخط بالمسيرات ۔۔ وكل هذه الاقاويل محض هراء ، ولاتوجد حقيقة واحدة فكلها ( قوالات ) ، والحقيقة المرة ننا نعيش بلا كهرباء في القرن الحادي والعشرين ، و( جوز الماء) في حارات الثورة بلغ سعره ثلالثة آلاف جنية ومن له رتبة في الجيش او الأمن او الشرطة يأتيه ( تنكر ) المياه امام منزله و( ناس قريعتي راحت ) اضحت ( ريحة ) ابدانهم واطفالهم ( كالتيوس المدعولة ) ، ووالينا الهمام ( لا حس ولاخبر ) ، ولعل القادم أسوأ ۔۔ سترك يا رب ۔

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق