رأي
*علاء الدين محمد ابكر يكتب✍️في الليلة الظلماء يفتقد جون قرنق*
*علاء الدين محمد ابكر يكتب✍️في الليلة الظلماء يفتقد جون قرنق*
كثيراً ما نردد هذه العبارة وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر، التي تفيد قيمة الشيء أو الشخص الغائب في ساعة الحاجة الماسة إليه، حيث كان الغائب يسد تلك الثغرة بكفاءة واقتدار وذلك القول انطبق علي الراحل الدكتور جون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان فقد كان الرجل يحمل هم السودان ويعمل علي اعادة توحيده علي اسس جديدة كان للراحل الكبير العديد من الافكار التي لو وجدت حيز التطبيق لكان انصلح حال البلاد بل وأفريقيا بشكل عام فالافكار الانسانية لا حدود لها
في سبعينيات القرن الماضي سكن الدكتور جون قرنق منطقة الحاج يوسف شرق العاصمة وقد تقلد فيها منصب خدمي وهو رئاسة الجمعية التعاونية وقد كانت هناك ازمة خبز بالمنطقة حيث كان يتم جلب الخبز من منطقة بحري ولحل تلك المشكلة بادر الدكتور قرنق وعبر جمع التبرعات من انشاء (مخبز) خاص بالمنطقة ليكون حل جذري للمشكلة ولايزال ذلك المخبز يعمل حتي اليوم نعم هو مشروع صغير ولكنه كبير في المعاني ويدل علي عمق رؤية الراحل جون قرنق في جمع الكلمة وبذات ذلك النهج التعاوني استطاع القائد جون قرنق من تكوين الحركة الشعبية لتحرير السودان لتكون نقطة تحول كبيرة في تاريخ السودان حيث جزبت افكار الدكتور قرنق العديد من الشباب الباحث عن التحرر من الافكار البالية التي اقعدت السودان ردحا طويلا فكان قرنق شجاع في الطرح عمل تشخيص امراض السودان وخرج بعلاج ناجع عبر طرح رؤية (السودان الجديد ) ليكون بمثابة عقد اجتماعي جديد يجمع الشعوب السودانية التي تشكلت علي عجل عقب دخول الاحتلال التركي المصري في العام 1821 الذي لم يعمل الا علي نهب موارد السودان مما زاد السخط عليها بقيام الثورة المهدية سنة 1881 والتي سرعان ما سقطت ليعود الاستعمار الانجليزي المصري سنة 1898 الذي كان اقرب وصف الي المخدر الموضوعي للجسد السوداني المثقل بالمشاكل الاجتماعية
ليزول ذلك التخدير في اغسطس 1955 والبلاد حينها تستعد للاستقلال الوطني سنة 1956 واستمر السجال والقتال ولم يفلح موتمر المائدة المستديرة الذي عقد عقب ثورة اكتوبر 1964 في حل الازمة ولا موتمر اديس ابابا 1973 في انهاء الصراع الذي تجدد سنة 1983 ورغم ان السلام كان قاب قوسين أو أدني سنة 1988 بمبادرة من مولانا محمد عثمان الميرغني راعي الحزب الوطني الديمقراطي وتلك المبادرة وجدت قبول من الدكتور جون قرنق الا ان انقلاب الاسلاميين سنة 1989 افشل اضمن الفرصة نجاح من ان تري النور و حتي اتفاق مشاكوس الاطاري سنة 2002 كان بضغط خارجي ليجمع بين طرفين متعاكسين (الحركة الشعبية والموتمر الوطني ) فكان رحيل الزعيم قرنق في اغسطس 2005 قاصمة الظهر و بداية لنهاية وحدة السودان التي تجسدت في اعلان استقلال جنوب السودان في يوليو2011 وافرز ذلك الانفصال واقع اقتصادي صعب بخروج النفط عن الميزانية الحكومية التي اهملت الزراعة لتجد الدولة نفسها عارية مما فاقم اشتداد الازمات لينقلب السحر على الساحر ويسقط (هبل) العصر الحركة الاسلامية التي رسمت كل تلك السناريوهات ولكنها لم تحسن كاتبة النهاية حيث اخرجت المارد من الجرة وصعب عليها ارجعه مره اخرى فكان السقوط في ابريل2019
رسالة دكتوراه جون قرنق كانت في البحوث الزراعية فالرجل يعد خبير زراعي ويعتقد ان الزراعة هي امل القارة الأفريقية في النهوض وكان يحث جنود الجيش الشعبي على ممارسة الزراعة للاكتفاء الذاتي في المناطق التي يسيطرون عليها وتشجيع السكان المحليين علي الاعتماد علي النفس بالزراعة وعدم انتظار الاغاثات الانسانية التي قد تاتي او لا تاتي والصمود في المعارك كان يحتاج الي حتي ولو القليل من (البليلة) وهي حبات الذرة الشامية وهي الغذاء الاساسي لمقاتلين الجيش الشعبي
ان السودان عقب ثورة ديسمبر كان في امس الحاجة الى اقتباس افكار الدكتور جون قرنق خاصة الزراعية منها وذلك بنقل التنمية من المدينة إلى القرية وتشجيع الزراعة وتقديم كامل الدعم لها وقد حصل جون قرنق بموجب تلك الدراسة على شهادة الماجستير في الاقتصاد الزراعي ودرجة الدكتوراه من جامعة ولاية أيوا بالولايات المتحدة بعد كتابة أطروحة على التنمية الزراعية في جنوب السودان
اذا الزراعة هي المخرج الوحيد لمشاكل السودان فالنفط يعد من الموارد القابلة للنضوب وكل الدول النفطية تبحث عن استثمارات جديدة تضع بلدانها في الامان في حال نضوب النفط ومثال لذلك دول الخليج العربي التي قامت باستزراع الصحراء وبجلب التقانة الحديثة ومن ثم انتاج امطار صناعية عبر معامل متقدمة تعمل علي تحلية مياه الخليج المالحة الي ماء عذب عن طريق التبخر والسودان لحسن الحظ بلد يتمتع بقدر وافر من المياه الجوفية والسطحية فقط نحتاج الي ارادة سياسية حكومية في المبادرة في تبني الثورة الزراعية وذلك بمنح وتمليك كل مواطن لايملك ارض زراعية وتقديم الدعم اللازم حتي يستطيع المواطن من التحرر من القيود التي يفرضها الواقع المعيشي الصعب والزراعة سوف تعمل علي الاكتفاء الذاتي للمواطن ومن ثم بيع الفائض من المنتجات الي السوق حينها سوف تختفي كل مظاهر الفقر والبطالة والحروب
مايحدث من عدم استقرار بعد سقوط البشير نتيجة لتجاهل الحكومة لمشاكل الناس خاصة الاقتصادية منها وكل من يقول ان الدولة لا تملك شي من الموارد اقول لهم ان السودان يملك الزرع والضرع والثروات الطبيعية التي لا توجد في اي بلد اخر والحل بسيط هو التوزيع العادل للثروة بين ابناء الوطن
ولكن اجبار الشعب علي الصبر وتحمل الجوع فان ذلك يعني انفجار مزيد من الازمات التي لايحمد عقباه وحينها لاينفع الندم اذا الزراعة هي الحل الوحيد للمشاكل الاقتصادية التي هدت حيل المواطن السوداني
*ترس اخير*
سَيَـذْكُـرُنـي قـومــي إذا جَــــدَّ جِــدُّهُــمْ،
وفـــي اللّـيـلـةِ الظَّـلْـمـاءِ يُـفْـتَـقَـدُ الــبَــدْرُ
*المتاريس*
*علاء الدين محمد ابكر* ?????9770@?????.???