رأي
سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب ورحل الصول محمد علي ايقونة القوات المسلحة وحامل لواء التعايش السلمي في السودان !!
سفر القوافي
محمد عبدالله يعقوب
ورحل الصول محمد علي ايقونة القوات المسلحة وحامل لواء التعايش السلمي في السودان !!
نعى الناعي أمس شاعر القوات المسلحة المساعد محمد علي عبدالمجيد الذي إستشهد بحادث حركة في قرية الكمر إدارية ودحامد محلية المتمة بولاية نهر النيل ۔
وتمتد علاقتي بالراحل لسنوات طوال فقد ترافقنا في رحلات تعزيز ثقافة السلام واسناد عملية جمع السلاح في قرى ونجوع ولايات السودان ، وكان ذلك قبل ان تتمرد قوات الدعم السريع على حكومة السودان في العاصمة الخرطوم والجزيرة وسنار ، وتبدأ في ابادة البسطاء في القرى والأرياف والمدن حتى يومنا هذا ۔
فقد سافرنا مع فرقة السلام الفنية المصاحبة لقافلة المشروع القومي لتعزيز ثقافة السلام لمؤسسها الصول محمد علي ، التي جسدت معاناة مواطن دارفور جراء الحرب وظلالها السالبة على الأقليم بأكمله بإسكتش مسرحي مؤثر جدا ، دمعت معه عيون الجمهور في زالنجي ، نيرتتي ، قارسيلا ، أردمتا ، مورني والجنينة بالتتابع ، ويروي الإسكتش لمؤلفه الفنان الشامل المساعد ( مهندسين ) محمد على عبد المجيد الامير يعقوب ( جراب الرأي ) ، بشهادة البروفيسور الحاج أبا والدكتور عاطف عجيب والبرفبسور فائز عمر جامع والدكتورة آفق محمد صادق والمدرب الذهني محمد عطا عبدالغني ومقرر القافلة النذير الأمين خريف ،
ويروي الإسكتش المسرحي إلتقاء إثنين من أهالى دارفور ، الأول مزارع والثاني راعي أبقار ، هربا من جهتين مختلفتين شهدتا هجوما مباغتا من الجنجويد ، ففرا بجلديهما في العراء ومازالت أصوات الرصاص تدوي من بعيد ، وبعد أن دخلا واديا معشبا ، تفاجأ كل منهما بوجود الآخر ، فصاح الأول للثاني بقوله : عبدالرحمن ، ورد الثاني : إسحق ، فتعانقا يبكيان في حرقة ، وحكى كل منهما لرفيقه خسارته من الحرب ، فقد فقد الأول طفله الذي تحمله زوجته على ظهرها برصاصة طائشة ومن ثم أخيه الكفيف الذي كان جالسا أمام أمام المنزل وتم إغتياله بغتة وهو لايرى شيئا ، وبكي الثاني مجددا فقد فقد زوجته الحامل وأمه وأبيه وهو يرى مقتلهم بأم عينيه بعد أن إختبأ في حفرة ، ومن ثم تعاهدا معا بأخذ ثأرهما من القتلة وأخذا يتنازعان في بندقية وجداها على الأرض فخرجت منها زخات من الرصاص في الهواء ، ولحظتها جاء رجل حكيم وصاح فيهما ( لا) وزاد وهو ناصح لهما بأن الثأر يجدد الأحزان في متوالية هندسية لن تبقي حيا واحدا على التراب الدارفور ، وأمرهما بالعودة الى صوت العقل ووضع السلاح أرضا ، فهو الداء الذي سلب دارفور الحزينة خضرتها وطهرها وخلاويها ومسائدها وصوت حيرانها في الغدو والآصال والأسحار وهم يرتلون القرآن الكريم حتى تهز معهم جنبات الوديان والخيران والرهود ، بل منع السلاح حرائر دارفور من الزواج والإنجاب وتكوين أسرة كبقية فتيات ولايات السودان الأخرى ، ومنعهن من الفرح والغناء في الساحات و(النقعات) على إيقاعات الفرنقبية و الكاتم وأم دقينة والمردوم والحسيس ونقارة الفور والداجو والمساليت والبرتي والزغاوة والزيادية والرزيقات والبني هلبة والهبانية والميما والإيرنقا والبرقد والسلامات والمسيرية وأولاد راشد .
نعم لقد فعلت البندقية برصاصها اللعين كل هذه الأفاعيل وستحصد ماتبقى من أهل دارفور عاجلا أم آجلا إن لم تقف الدولة بساق واحدة بالاستمرار في عملية جمع السلاح بصورة مباشرة وبالتوعية والتثقيف للمواطن البسيط بخطر السلاح في أيدي المدنيين عبر الورش والمحاضرات والغناء والموسيقى والمسرح ، والأخير له تأثيره الأقوى ، لأن مواطن دارفور مازال يعيش على ( الحكي) في القرى والفرقان والنجوع ، والكل يستمع جيدا للمتحدث الذي يروي لهم فاجعة ما حتى إن كانت من نسج خياله الخصب .
وشاركت في مهمة التوعية بولايات دارفور كل من مراكز دراسات ثقافة السلام بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا وبحري والخرطوم ، ومركز السلام والتنمية بجامعة بحري ، بعدد من الأساتذة الأجلاء من حاملي الدرجات العلمية الرفيعة في حقوق الإنسان وتعزيز ثقافة السلام والتدريب الذهني من أجل دارفور جديدة ، قوامها العلم والعمل والعدالة الإجتماعية .
وقلت حينها حري بحكومة السودان أن تأخذ الأمر مأخذ الجد ، فقد رأيت من خلال تطوافي مع القافلة في فيافي دارفور العديد من المدنيين مازالوا يحملون الأسلحة الثقيلة وهم فوق دوابهم أو راجلين وأمامهم مواشيهم ، وآخرين يقفون وسط مزارعهم الصغيرة وجميعهم أيديهم على الزناد ، فليستمر جمع السلاح بمحفزات أكثر قوة ، وإلا فإن القادم أسوأ .
خروج اول
جميع المناطق التي زرناها وقضينا فيها ليلة أو أكثر ليس بها مراكز شباب أو مراكز ثقافية ، فقط يشرب شبابها الشاي والقهوة والشيشة ويحملون أسلحتهم عيانا بيانا ، وقد سألت أحدهم بماذا سيكون رده إن طلبت منه الدولة تسليم سلاحه فرد ضاحكا ( نسلمها الفي يدي دي ونمشي نمرق آخرة ) فقلت له هل تملك بندقيتين ؟ فقال ( أي بيت فوقا خمسة ستة بنادق حقات راجل واحد ) .
خروح ثان
الأن كسفت المليشا عن وجهها الحقيقي وهدفها الأسمى وهو إبادة اصحاب الأرض في كل ولابات السودان وإدخال ( غجر افريقيا ) ليصبحوا مواطنين في هذه الأرض بمعاونة بن زايد وخدمه من زعماء افريقيا بدوي المدافع وزخات الرصاص المستمر ۔۔ ولكن تظل قواتنا المسلحة الباسلة لهم بالمرصاد ۔ ولانامت أعين الجبناء ۔
خروج أخير
رحم الله حضرة الصول محمد علي عبد المجيد ايقونة القوات المسلحة ، خريج جامعة النيلين الشاعر الفذ والكاتب المسرحي والممثل البارع الذي الف اسكتشاته الجميلة ( تهاني واماني ) على روي ( اغاني واغاني ) للمبدع الراحل السرقدور ، وتقمص شخصيته فيها فأبهج بها جمهوره العريض في كل ولايات السودان ۔۔ رحمه الله فقد كان متعدد المواهب اسوة بجده الامير يعقوب بن تورشين جراب رأي الخليفة عبدالله التعايشي ، ولو اطاعه الخليفة ليلة معركة كرري لانتصر الانصار ، ولكن الله يفعل ما يشاء ، فرحل محمد علي حامل لواء معنويات القوات المسلحة في حرب الكرامة ، رحمه الله واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن ااولئك رفيقا ۔