رأي
الشعوب التي تفشل في تشخيص أمراضها تموت والسودان خير مثال لذلك
الشعوب التي تفشل في تشخيص أمراضها تموت والسودان خير مثال لذلك
بقلم :علاء الدين محمد ابكر
يقول الكاتب والأديب الليبي الصادق النيهوم : ان “الشعوب التي تفشل في تشخيص أمراضها بشجاعة تموت نتيجة تناول الدواء الخطأ وهذا الوصف ينطبق تماماً علي السودان ذاك البلد الذي فشل في تحديد الداء وادمن علي استخدام الدواء بدون وصفة طبية ونتيجة لذلك بتر نصفه الجنوبي ولا تزال النخب السياسية فيه تصر علي تعاطي ادمان الفشل
لقد اصبح تاريخ السودان سيناريو يتكرر منذ خروج الاستعمار في العام 1956م وذلك بقيام حكومة مدنية منتخبة يعقبها انقلاب عسكري مدفوع من قوي سياسية معارضة الي ثورة شعبية وفترة انتقالية ومن ثم اعادة انتاج الانقلابات العسكرية والتي لا تتوقف ومن ثم ازمة اقتصادية وانتفاضة شعبية وانحياز للجيش للشعب ومن ثم فترة انتقالية وهكذا بدون ان نصل الى نقطة صفرية تجعلنا نعرف اسباب ذلك التكرار الممل
مشكلة السودان في عدم الاعتراف بالمشكلة والتي هي عبارة عن تراكمات من الازمات التاريخية الاجتماعية والتي تحتاج إلى دستور يحترم التنوع الثقافي والاجتماعي والسياسي لكافة الشعوب السودانيه فالاصرار علي ان الشعب السوداني شعب واحد فانها ذاتها اكبر المشاكل هناك اختلافات كبيرة بين الشعوب السودانية وهنا ياتي الحل في الحكم الفيدرالي المسنود باستغلال الموارد الطبيعية لكل اقليم حتي ينهض ويمكن اقتباس تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في الاتحاد مابين امارات غنية واخري فقيرة فامارة دبي وامارة ابوظبي تملكان ثروات مقدرة من النفط وبالمقابل امارة راس الخيمة عماد اقتصادها يعتمد علي صناعة السراميك والمعدات الصحية وامارة عجمان لم تجد حرج في الاعتماد علي السياحة كمصدر دخل لها وهكذا كل منطقة تستغل مواردها ولكن في داخل حدود الدولة تسقط الرسوم الجمركية حتي تستفيد كل اماره من مزايا وعروض الامارات الاخري والمستفيد الاول هو المواطن الاماراتي اينما كان عكس السودان الذي يضع متاريس امام حركة نقل البضائع والسلع في داخل الوطن الواحد باقامة نقاطع تحصيل تجبر اصحاب المركبات التي تحمل السلع والبضائع علي دفع رسوم عالية وهذا ينبغي يكون في الحدود الدولية مع دول الجوار وليس في البلد الواحد فيمكن الاكتفاء برسوم عبور رمزية لصيانة الطرق ولكن الاصرار علي اجبار اصحاب السيارات علي دفع تلك الرسوم سوف يتسبب في ارتفاع الاسعار
و مثال لذلك سلعة السكر بالرغم من امتلاك البلاد لخمسة مصانع الا انها مرتفعة الثمن بينما نفس المنتج يباع في خارج اسوار البلاد بسعز منخفض ويشمل نفس الشي كافة المنتجات الزراعية والحيوانية اذا مشكلة السودان في ابناء السودان انفسهم الذين تحولوا من سياسيين وموظفين الي تجار في استغلال بشع لمفردة التحرير الاقتصادي والعولمة الرأسمالية ، السودان يختلف عن بقية دول العالم لذلك يحتاج الي مزيج من التجارب الاقتصادية والاجتماعية فهناك خدمات لا تقبل ان تدخل حيز التجارة والاستثمار مثل الامن والتعليم والصحة وهذا ما يحدث بالفعل في سودان اليوم حيث تجد كل شي صار بمقابل مادي وهذه النظريات لا تصلح في بلد لايزال يعاني من حروب منذ العام 1955م بسبب غياب التنمية فكيف تاتي وتزيد الجراح علي شعب ينشد العيش الكريم وكل ذلك بسبب افكار بعض الانتهازيين الذين ارادوا الثراء الفاحش علي حساب البسطاء فالحل يكمن في مجانية التعليم والصحة وتوفير الامن عبر تحسين ظروف العمل الشرطي حتي يشعر المواطن بالامان وبان له دولة تحترمه حتي يحترمها و حتي نضمن سلام حقيقي نابع من قناعات المواطن بعدم وجود تهميش اقتصادي وسياسي وثقافي بمنح كل من يريد التعبير حقه الكامل والتمتع بالعيش الكريم واستحداث نظام ضريبي يستهدف اصحاب الاموال الطائلة ويحمي الفقراء فلا يعقل ان تباع القطعة الواحدة من الخبز للغني والفقير بسعر واحد فالغني لايجد مشكلة في شراء عشرون قطعة من الخبز بسعر الف جنية وذات المبلغ يعادل ربع دخل البعض في اليوم والمواصلات العامة وسيلة نقل البسطاء ارتفعت اسعارها هي الاخري بسبب قيام الدولة برفع الدعم الحكومي عن الوقود بحجة منع تهريبه الي الخارج وكان ما الدولة تريد تحميل المواطن فشل حماية الحدود بمنع تهريب البضائع والوقود ضاع المواطن بسبب النظرة الضيقة القرارات التي لم تجد دراسة كافية
ومن الامراض الاخري للدولة السودانية هي عدم الاعتراف بالاخر والتهميش الثقافي فتجد اطراف السودان لا تجد نصيبها في اعلام التلفزيون والاذاعة المركزية الا عندما تكون هناك مشكلة ما حينها تسمع وتشاهد بث الاغاني التي تخص تلك المنطقة وهنا يستحضرني زميل عمل سابق قال لي انه عندما يسمع في الاذاعة القومية اغاني تخص منطقته يشعر بالخوف فقد ارتبط ذلك بوقوع الحروب بالتالي فان ذلك يعني ان هناك كارثة قد حلت
سوف نستمر نعيش في دوامة من الفشل لن تنتهي طالما لم نجلس مع بعضنا البعض ونعمل علي تشخيص امراض السودان حتي نضع لها الوصفة السحرية المناسبة للعلاج و حتي يعود السودان صحيح البدن مارد افريقيا ولسان حاله حينها يقول
أنا ثورةٌ كبرى تزمجر بالعواصف والردى
وطفولتي درجت على أرض البطولة والندى
وصباي كم نهل المنى فوق الروابي واغتدى
وشبابي المشبوب كم جمل الكفاح وكم شدا
وبطولتي نبتت هناك وأينعت تحت الندى
بين الصخور الداميات مع النسور مع الهدى
صرخات شعبي لن تضيع ولن تموت مع الصدى
ستظل لسعاً كالسياط على ظهور من اعتدى
ستظل في أجفانهم أبداً لهيباً مرعدا
وطني هناك ولن أظل بغيره متشردا
سأعيده .. وأعيده وطناً عزيزاً سيدا
سأزلزل الدنيا غدا .. وأسير جيشاً أوحدا
لي موعد في موطني .. هيهات أنسى الموعدا
المتاريس
علاء الدين محمد ابكر
????????????????????9770@????????????????????.????????????