رأي

سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب الناشئة والآباء و( ركوب الراس ) و( رجالة ) اتحاد شباب دارحمر !!

سفر القوافي
محمد عبدالله يعقوب
الناشئة والآباء و( ركوب الراس ) و( رجالة ) اتحاد شباب دارحمر !!

( تسريحات مجنونة ) وملابس لاتوحي بأن الذي يرتديها كائن من سكان الكرة الأرضية ناهيك عن السودان ( البلد الضكر ) الذي لخص تفاصيل إنسانه الشاعر الراحل الحاردلو عبر حنجرة الموسيقار الراحل محمد وردي في قوله ( يابلدي يا حبوب .. ابو جلابية وتوب .. سروال ومركوب .. جبة وسيدري وسيف وسيكين .. يا سمح يا زين ) هؤلاء هم شبابنا الآن من عمر ثمان سنوات وحتى الثامنة والعشرين وربما تزيد بخمس سنوات أخرى لمتأخري الطفولة ، ولكن تبقى هناك حقيقة واحدة ، وهي إن هذا الجيل من الأبناء قد فلت عن الطوق وأسس لثقافة خاصة به لا علاقة لها بما عشناه في صبانا كنسخ أصلية من آباءنا وأجدادنا في اللبس والكلام والمعاملات ، فهؤلاء الصغار تمردوا على القديم منذ أكثر من ثلاثين عاما ولكن بصورة ناعمة إكتمل نضجها في العام ( 2019م ) بغلائه الطاحن وإقتصاده المنهار ، إذ إن أطفالنا أضحوا أكثر ذكاءا منا عندما كنا في مثل سنهم ، فلا يمكن أن نقنعهم بغير المنطق ، فقد راحت ( شمار في مرقة ) قصص الغول وفاطمة السمحة والشاطر حسن وسعيدة وسعيد البعاعيت وكل الخرافات التي سمرت أرجلنا ليلا ونحن يفع دون أن نتقدم خطوة في الأماكن المظلمة ليلا لنقضي حاجتنا أو نأتي بغرض لنا ، وأكد هذا الواقع الخبير الإعلامي الدكتور بدرالدين أحمد إبراهيم في حديث للإذاعة السودانية قبل سنوات مازال راسخا في ذاكرتي و أنا من ( مدمني إذاعة أم درمان) ولا عزاء لباقي إذاعات السودان الكثيرة ، حيث تحدث الخبير حديث العارف المتمكن في صنعته وهي الإعلام وتحدياته بلغة بسيطة وسلسة جعلت قريباتي الثلاث اللائي كن في بيتي لأن يأمرن أطفالهن بالصمت حتى يتابعن إفادات وإرشادات الدكتور القيمة حول الانفتاح الإعلامي وأثره على تربية النشء ، الدكتور أكد بأن جيل الستينيات والخمسينيات من الآباء قد أسقط في أيديهم الآن بسبب التطور التكنولوجي وثورة الأنترنت والأجهزة الذكية ، فأصبحوا غير قادرين على تطبيق وصايا آبائهم التربوية على أبنائهم ، مما إنعكس سلباً على العادات والتقاليد السودانية التي كانت راسخة لعقود خلت فأضحت في ثلاثة عقود من الزمان محض خرافة ، فالشبل والشاب والطفل في عالمنا اليوم بحسب إفادات الدكتور يحتكم لعدة متغيرات ومكتسبات سلبية وربما جانحة عبر وسائط الميديا المتعددة وترسخ في عقله الباطن منذ الطفولة بل في الايام الأولى من حياته لتنشط بعد بلوغة سن الرشد لتكون هادياً أو مضلاً له لباقي حياته ، وبما أنها سلبية فإن على القائمين على أمر الإعلام توخي الدقة والحذر والعمل وفق برامج مدروسة بواسطة المختصين، مؤكداً بأن الإعلام صناعة وليس صدفة أو هواية ، وكل رسالة إعلامية لها أهداف محددة ولو بعد عشرين عاماً خاصة في بناء الإنسان ويتم إستهدافه وهو طفل ، وأشار الدكتور بدرالدين الى أن القنوات الفضائية والعاب الفيديو والأتاري وكل المرئيات هي صاحبة القدح المعلى في تربية النشء مضيفاً الى أن العقل يأخذ 85 المائة من المعلومات التي تظل محفوظة فيه بالعين وليس السمع ودلل على ذلك بأن الطفل ذو الستة أشهر إذا فتحت أمامه قناة الأطفال مثلا وبعد ربع ساعة قامت أمه بإغلاق التلفاز فإنه يحتج ثائر بالبكاء والهمهمات إذ لم يتعلم النطق والكلام بعد .
ونقول أن هنالك مهام جسام ملقاة على عاتق وزارة الإعلام الاتحادية ووزارة الثقافة والسياحة والآثار وفرعياتهما في كل ولايات السودان وعليهم جميعاً تحمل المسؤولية تجاه جيل كامل من الأشبال، فما عادت إغنيات (ثنائي النغم) مثل ( العجكو ) المستنهضة للهمم تؤثر فيه ليتجه نحو معسكرات تجنيد الجيش والشرطة والأمن وهن يرددن ( ديل شرقوا ديل غربوا قزوا الريشة بتان ماجو ) و لن يحفلوا بسير أبطال تاريخ السودان الأوائل مثل الإمام محمد أحمد المهدي ذلك المهيب الذي كتب فيه الشاعر سيف الدسوقي نصاً رائعا قدمه للناس الفنان الراحل محمد أحمد عوض وهو يترنم ( القلم طاوعني تاني قلت أرجع للكتابة .. أصلي مفتون بي عيونك وطني يا بلد الصلابة .. أسألوا الخرطوم بتعرف لما غردون إحتمابا .. لما مهدي الله جاهو معاهو ناس شايلين حرابا .. جوهو لابسين المرقع وبالحراب سوها غابة ۔۔ شدة الموت ما بريدو التقول بينهم قرابة ) فهذه كلها قيم سامية ولكنها في زمان الانترنت المفتوح والمغريات والمثيرات المتعددة صارت ( حجا ساكت) حتى حزب الأمة القومي وحاد عنها بقيادة رئيسه اللواء م فضل الله برمة ناصر الذي اصبح علمانيا ( بعد ما شاب ودوه الكتاب ) ۔
فإن العقل البشري لأبناءنا أضحى لايركن للجهد والتعب والمشقات التي مازالت ديدن الرجل السوداني حتى يومنا هذا بالنسبة لجيل الآباء فقط ، وبذا فإن الأجيال الجديدة ستفكر ألف مرة قبل أن تمسك بالمعول والطورية والواسوق والمفك والذردية والبندقية والمدفع والصاروخ ، ففي فهمهم هذا عمل الأغبياء وكل منهم يريد أن يجلس خلف الكيبورد ليجمع العالم في شاشته بلمسة واحدة ولايهم إن كانت هذه اللمسة سترحل به الى شواطئ المتعة في حيفا المسلوبة إسرائيلياً.
خروج اخير
التحية والتجلة والتقدير لاتحاد شباب دارحمر والرفعة لرئيسه عزالدين ابراهيم رقراق ورفاقه الميامين الذين استضافوا الآلاف من اخوانهم الذين نزحوا من شمال دارفور الى غرب كردفان في رحلة سير على الاقدام استمرت ستة عشر يوما بعد نهبهم الجنحويد فقدموا لهم الدواء والكساء والايواء بعاصنة ولاية غرب كردفان الادارية مدينة النهود الصامدة ، وبالامس وقف والي ولاية غرب كردفان الاستاذ محمد ادم زايد على جهود شباب دار حمر بمعية ديوان الزكاة بالولاية ، وقدم كرتونة الصائم لجموع النازحين من شمال دارفور ۔
انها سمة شباب دار حمر الاوفياء دوما الذين يحملون في جوانحهم شعلة الوطنية المتقدة بالكرم الفياض والأخاء الصادق ۔

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق