رأي

حينما يتربع الجيش في قلب شعبه أكثر من زاوية بهاء الدين أحمد السيد يكتب

حينما يتربع الجيش في قلب شعبه
أكثر من زاوية
بهاء الدين أحمد السيد
سادت حالة من الفرح في أوساط الشعب السوداني في الداخل والخارج بعد تحرير مصفاة الجيلي من دنس التمرد ، فضلا عن التحام المتحركات من أم درمان الي سلاح الإشارة ببحري ومن ثم فك الحصار عن القيادة العامة،  ومن ثم توسعت عمليات التطهير في عمق منطقة الخرطوم المركزية.
ماحدث في مصفاة الجيلي دلل علي أن قواتنا المسلحة كانت تعمل وفق خطط مدروسة كيف لا وهي الدارسة للعلوم العسكرية والاستراتيجية والتيكتيكات الحربية ، فعملت بصبر وحكمة حافظت فيه علي ضباطها وجنودها البواسل.
إنكسرت شوكة التمرد التي ظل  قادتها المتنطعين من آل دقلو ، وماسنديهم من القوي السياسية(القحاتة)   يتشدقون بالحديث عن الديمقراطية، في الوقت الذي فيه ينهبون،  ويقتلون ويغتصبون.
أي ديمقراطية تلك التي يتحدثون عنها وهم يستهدفون بالمدفع الثقيلة المستشفيات والبنية الاساسية للدولة والمواطن ، مسنودين من دولة الإمارات التي لم يعرف حكامها يوما الأصالة،  ولا الإسلام،  ولا المعروف الذي قام به نفر كريم من أهل السودان في تأسيس دويلتهم،  التي أصبحت سمعتها في ذيل قوائم الإخلاق والشرف.
نجحت القوات المسلحة في حرب خطط لها باحكام،  فهاهي مدني السني تعود الي حضن الوطن ، كما مضت القوات المسلحة بخطوات ثابتة في استعادة محور الجيلي ومدن العاصمة المثلثة في بحري والخرطوم وام درمان  عدا بعض الجيوب هنا وهناك.
نعم لقد نجحت القوات المسلحة في خطتها بتجفيف مصادر الدعم العسكري للمليشيا  لاسيما في الشريط الحدودي للصحراء في دارفور ، خصوصا الدعم القادم عبر تشاد التي ثبت تورطها دوليا في حرب السودان بعد أن قبلت بفتح مطار ام (جرس) لانزال الدعم اللوجستي من دولة الإمارات،  وربما لأنرفع حاجب الدهشة في مسلك تشاد ، فحاكمها صغير عقل وقليل دراية، باع جذور بلده التاريخية واواصر الصلات مع السودان .
نعم لقد رضي بالدنئية(حفنة الدولارات) ليقف في صف العمالة والارتزاق ضد السودان وشعبه ، متوهما انه المنتصر والرابح، لكن دونكم الايام ، وسيري الشعب السوداني بأم عينية أن تشاد الجارة ستشرب من ذات الكأس يوما ليس من باب المؤامرة عليها لكنها صفحات التاريخ، والدروس والعبر ، أن كان لحاكم تشاد قلب أو القي السمع وهو شهيد.
سيخرج الشعب السوداني من هذه الحرب أكثر قوة ومنعة ، في توجهاته، وتفكيره،  واختياراته، واستنادا للعبارة الشائعة نقول قد توقف زمن ( السواقة بالخلاء) لمتكسبي السياسية الذين ارتضوا أن يستظلوا بظل الفنادق في أديس أبابا،  ونايروبي، والقاهرة،  وأهلهم يهجرون، ويقتلون،  وينهبون،  من أدعياء الديمقراطية،  الذين وصل الجهل فيهم مبلغه،  بجانب عرب الشتات،  ومعتادي الاجرام من الدعم السريع .
وهنا اتسأل علي ضوء جرعة الوعي الكبيرة التي اكتسبها الشعب السوداني من خلال هذه الحرب هل يستطيع  حمدوك ،وخالد سلك ، ووجدي صالح ، وصلاح مناع ، واعضاء تقدم ،  أن يتجولوا في شوارع الخرطوم ، ليحدثوا الناس عن  الديمقراطية والحكم المدني ، هل يستطيعوا أن يتجولوا في الأسواق، بل حتي يتمكنوا من الجلوس في خيم الافراح والاتراح،  ماشاهدناه في باريس والعديد من المحطات الخارجية ، وشوارع القاهرة، وما تعرضوا له من آلسنة السودانيين الاحرار ، نقول لهم ماشاهدتوه في الخارج أقل بكثييير من الذي ينتظركم في الداخل ، وهنا أجد نفسي ناصحا لمنحطهم خالد سلك أن يبحث له في الخارج عن ( عقد عمل سائق) أو إقامة في دولة يقضي فيها بقية أيامه،  بعد ان اصبح السودان  كما يقولون أضيق عليه من (خرم الابرة).
نعم اننا نعيش الآن في الفصل الاخير من مشهد الحرب ، بعد أن انكسرت شوكة المليشيا ، وعاد الجيش الي وضعه الطبيعي مع شعبه أكثر قوة ومنعة ، متقدما ساعة بساعة ولحظة بلحظة.
إن كان من ثمة رسالة الي جنوب السودان الذي أقدم علي خطوة جعلتنا نضع تجاهه مئات علامات الاستفهام والتعجب .

حيث أدلى وزير خارجية دولة جنوب السودان في نيويورك بتصريحات طالب فيها بتدخل الأمم المتحدة والإتحاد الافريقي في السودان في خطوة غير مبررة، وهو يعلم أنه وعلى الرغم من  تشكيل لجنة تحقيق عقب الأحداث الأخيرة  في ولاية الجزيرة،  فقد شهدت مدينة جوبا ومناطق أخرى في دولة جنوب السودان حملات انتقامية شملت القتل والاعتداءات الجسمانية والنهب راح ضحيتها المواطنون السودانيون الأبرياء وبتحريض من قيادات  جنوبية رسمية ولم تسلم منها حتى السفارة السودانية في جوبا وأعضاءها الأمر الذي يعتبر خرقاً خطيراً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية  وللقوانين والأعراف الدولية كافة.

‏ لقد ظلت الحكومة السودانية تمد حبال الصبر  على التجاوزات العديدة من جانب دولة جنوب السودان حرصاً منها على أواصر الجوار والعلاقات التاريخية بين الشعبين.

وعلى الرغم من أن مشاركة مرتزقة جنوبين في صفوف المليشيا المتمردة موثقة ومثبته وتم نقل تفاصليها للحكومة في جوبا، إلا أنها لم تتخذ الإجراءات اللازمة لوقف تجنيد وارسال المرتزقة الجنوبيين للقتال ضد الدولة والشعب السوداني، بل استمرت في تقديم  تسهيلات  عديدة  للمليشيا  المتمردة  منها    نقل وعلاج  أفراد المليشيا في مستشفيات دولة جنوب السودان.

‏ كما تذكر وزارة الخارجية أنها ظلت ترصد التجاوزات الخطيرة التى ترتكبها دولة جنوب السودان  في أبيي من انتهاك واضح للاتفاقية الخاصة بالوضع في أبيى، وقد رصدت بعثة يونيسفا تلك التجاوزات في تقاريرها للأمين العام للأمم المتحدة.
‏  
تؤكد وزارة الخارجية أنها ستتخذ الإجراءات المناسبة للرد على التجاوزات العديدة  لحكومة دولة جنوب السودان في المنابر الدولية والإقليمية، وأن الحكومة السودانية لن تتوانى في اتخاذ التدابير التى تكفل حماية حقوقها وحقوق مواطنيها وفق مايكفله القانون والمعاهدات الدوليين.
نعم لقد وضع بيان وزارة الخارجية السودانية النقاط فوق الحروف ،ولقد تعمدت اقتباسه كاملا للتأكيد الدور السالب الذي ظلت تقوم به حكومة جنوب السودان جراء الحرب في السودان مع مليشيا ال دقلو.
ولعلي لا استبعد الدور الإماراتي في موقف حكومة جنوب السودان ،التي تريدنا أن نتقدم بالزهور والورود الي مواطنيها المقاتلين في صفوف المليشيا الذين رصدتهم عدسات هواتفهم يسرقون ويقاتلون في صفوف المليشيا ، سرقوا الالف السيارات وقاموا بتهريبها الي حدودهم ومن ثم قاموا بادخالها الي جوبا ، دون أن تحرك حكومتهم ساكنا.
انتهت الحرب في السودان ولكننا نتوقع سياسة خارجية جديدة تراعي كثيرا مبدأ التعامل بالمثل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق