رأي
لااااا لضم الإعلام لوزارة التربية النذير إبراهيم العاقب
لااااا لضم الإعلام لوزارة التربية
النذير إبراهيم العاقب
في قرار غاية في الغرابة أصدر وزير الحكم الإتحادي محمد كرتكيلا صالح قراراً قضى بدمج عدد من الوزارات في حكومات الولايات.
وعزا القرار الخطوة لتخفيف العبء المالي والإداري في ظل ظروف البلاد الإقتصادية والسياسية والأمنية بجانب إنفاذاً لتوجيهات مجلس السيادة بتشكيل حكومات ولائية رشيقة.
وسمى القرار ثلاثة وزارات فقط بالولايات حيث تم ضم وزارات المالية، الإستثمار، الصناعة، الزراعة، الثروة الحيوانية، بالإضافة للقوى العاملة وتنمية الموارد البشرية في وزارة واحدة،
بينما أمر القرار بضم وزارات التربية والتعليم، البني التحتية، الشؤون الهندسية، الأوقاف، الشباب والرياضة، الثقافة والإعلام لتصبح وزارة التربية والتعليم والخدمات، على أن تضم وزارة الصحة الرعاية الإجتماعية، الزكاة، التأمين الصحي، المعاشات، والعون الإنساني.
وشدد القرار على ضرورة إنفاذه فوراً وعدم اللجوء إلى أي مسميات أخرى.
وليس من شك أن البلاد الآن تعاني الكثير جرَّاء الحرب الدائرة الآن وتكاد تكون قد قضت على الأخضر واليابس في العديد من الأقاليم والولايات جرَّاء النقص المريع في توفُّر الأمن إثر الممارسات الشنيعة لمليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة في كل القرى والمدن التي إجتاحتها، فضلاً عن نهبها العشوائي لجُل الثروات القومية ونهب البنوك والشركات الكبرى، كل ذلك بالفعل ساهم بشكل مريع في معاناة الخزينة القومية من تغطية كل إلتزاماتها تجاه الموظفين الحكوميين على المستوى الإتحادي والإقليمي والولائي معاً.
ورغم أن القرار في جزئية منه حالفه التوفيق، بيد أنه في مجال ضم وزارة الإعلام لوزارة التربية جانبه التوفيق تماماً ولم يوفَّق فيه كرتكيلا البتة، وبالتالي أكد بما لا يدع مجالاً للشك جهله التام بأهمية الإعلام، في كل المستويات الحكومية والرسمية السودانية إتحادية كانت أو إقليمية أو ولائية، حيث يمثل الإعلام العين البصيرة لكل الحكومات، والحامي لها والناطق الرسمي بإسمها، فضلاً عن جهل كرتكيلا بالأهمية القصوى للإعلام باعتباره اليوم السلطة الأولى على مستوى العالم أجمع، وأن بإستطاعة الإعلام.. وفي لحظات.. ومن خلال مقال أو تقرير أو خبر أو تحليل.. أن يرفعك إلى أقصى درجات العلو والسؤدد، وفي ذات الوقت بإمكانه أن يُدَحرِجُك إلى أدنى درجات الدرك الأسفل.
وهنا نتوجه بسؤال مباشر لكرتكيلا، هل تعتقد أن تحويلكم لوزارة الإعلام بالإقاليم والولايات وتضمينها كإحدى إدارات وزارة التربية والتعليم بإمكانها حينها القيام بالدور الفاعل والمثمر لذات الوزارة حينما كانت وزارة مستقلة وقائمة بذاتها؟!.
لا وألف لا بالطبع، لاسيَّما وأن إختصاصات وزارة الإعلام تتمثل في إقتراح السياسة العامة للإعلام الحكومي عامة بما يتفق والسياسة العامة للدولة وعرضها على مجلس الوزراء للإعتماد، ووضع الخطط الإعلامية والبرامج الكفيلة بتنفيذها ومتابعتها، وتشغيل وإدارة القنوات الإذاعية والتلفزيونية بأساليب التقنية الحديثة ووسائل البث المختلفة باللغة العربية، وباللغات الأخرى، بجانب إصدار المطبوعات وإعداد الدراسات والبحوث ذات الصلة بالمجالات الإعلامية بما يخدم أهداف السياسة العامة للإعلام والخطط الإعلامية في الدولة والإقليم والولاية.
ناهيك عن مسألة العمل على تزويد المواطنين بالمعلومات الكافية عن التطورات والأحداث الداخلية والخارجية التي تشهدها البلاد، وذلك من خلال وسائل ووسائط الإعلام في إطار من الصدق والموضوعية، والعمل على تنوير الرأي العام الدولي بالأسس التي تقوم عليها سياسات الحكومة المعنية والمبادئ التي تستند إليها، ومعالم التقدم والتطور التي تشهدها ومواقفها تجاه القضايا والأحداث المحلية والإقليمية والدولية، وكذلك العمل على بث الوعي والمعرفة وتوظيف الرسالة الإعلامية لتحقيق الوعي والإنفتاح الثقافي من خلال وسائل الإعلام مع ضمان حرية الرأي والتعبير وفقا للقانون.
زد على ذلك أن من مهام وزارة العمل على إستمرارية الحضور الإقليمي والولائي في الوسائط الإعلامية المركزية والدولية، بجانب رعايتها للصحافة والبث الإذاعي والتلفزيوني وتقديم ما يمكن من تسهيلات في سبيل أداء مهامها، ودعم المواهب المبدعة، والعمل على صقلها في المجالات الإعلامية، وإجازة المصنفات الفنية للعرض والتداول في الإقليم أو الولاية المعنية، والتي ينظمها قانون الرقابة على المصنفات الفنية.
فضلاً عن إشرافها المباشر على إصدار ونشر الصحف والمجلات والدوريات والكتب، وجمع الأنباء الداخلية والخارجية من مختلف المصادر وإعادة نشرها وتوزيعها عبر المطبوعات الصادرة عنها وعبر شبكتها السلكية واللاسلكية لتوزيع الأنباء والصور، وتحليل الأنباء والمعلومات وإعداد التعليقات والدراسات اللازمة بما يهم الرأي العام المحلي والمركزي وإصدارها وتوزيعها، وتبادل وتسويق خدمات الأنباء والصور مع وسائل الإعلام المركزية والخارجية، وكذلك أعمال الطباعة والإعلان والتوزيع والعلاقات العامة والتسويق، وعقد إتفاقيات تعاون وإنتاج وبث برامجي وإخباري مع الجهات والمؤسسات المتخصصة، والتعاقد مع الشركات المتخصصة لإنتاج برامج ذات أهداف وأغراض محددة، وأيضاً التعاقد مع الوكالات الإخبارية التي تزود الإذاعة والتلفزيون بالأخبار المصورة وغير المصورة، والقيام ببحوث وإستطلاعات لآراء المستمعين والمشاهدين، لمعرفة الرأي العام تجاه البرامج الإذاعية والتلفزيونية، والقيام بالبحوث والدراسات التي تعمل على تطوير الأداء الإذاعي والتلفزيوني ونشرها، وإصدار المطبوعات التي تخدم وتبين مسار وأداء العمل في الإذاعة والتلفزيون بشكل عام، بعد الترخيص من الجهات المختصة.
والأهم من كل ذلك، تطوير كفاءة أداء الصحفيين والإعلاميين في مختلف وحدات الجهاز الإداري للإقليم والولاية، وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة والعاملين في كافة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية، والإشراف على الإعلام الإلكتروني ووضع الآلية المناسبة للرقابة عليه، ورصد المطالبات التي يتقدم بها المواطنون إلى الجهات الحكومية حول الخدمات الحكومية، وإعداد الخطط اللازمة لتحسين الإتصال الحكومي، وتعزيز الوعي المجتمعي بالمشاريع والقرارات والسياسات الحكومية، وتقديم الدعم الإعلامي الذي تتطلبه أنشطة الجهات الحكومية، وتحليل ورصد ما يُنشَر في وسائل الإعلام والتواصل.
زد عليها إقتراح مشروعات القوانين والمراسيم الحكومية، وإصدار اللوائح والقرارات ذات الصلة بإختصاصات الوزارة، وتعزيز وتطوير التعاون في الإختصاصات المتعلقة بوزارة الإعلام مع غيرها من الجهات المعنية في الدولة المركزية والمنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية المتخصصة، وتمثيل الإقليم والولاية في المؤتمرات والفعاليات والإجتماعات المركزية والإقليمية والدولية المتعلقة بإختصاصات الإعلام، وأي إختصاصات أخرى مقررة بمقتضى القوانين والمراسيم السودانية في هذا الخصوص.
وتلك هي بحق مهام وزارة الإعلام في كل مكان في العالم، فهل حينما يتم ضمها لوزارة التربية والتعليم وجعلها إحدى إداراتها، هل بإمكانها بعد ذلك أداء دورها المنوط بها كما يجب؟!.. وهل بمقدور وزير التربية، والذي بالضرورة من المفترض أن يكون مختصاً فقط بإختصاصات التربية والتعليم، هل بمقدوره التفاعل الإيجابي والمثمر مع القضايا الإعلامية وأداء دور وزير الإعلام كما يجب؟!.
خلاصة قولنا، أن قرار دمج وزارة الإعلام بالإقاليم والولايات، قرار صادم ومُخزي وغريب ولم يُجانبه التوفيق البتة، وعلى الحكومة المركزية ممثلةً في مجلس السيادة القومي ومجلس الوزراء الإتحادي ووزارة الحكم الإتحادي مراجعة هذا القرار وسحب هذا المقترح فوراً دون إبطاء، واليوم قبل الغد.