تحقيقات وحوارات

(موازنة 2023م) .. ما وراء تأخير الإجازة وتداعياتها الإقتصادية …!

(موازنة 2023م) .. ما وراء تأخير الإجازة وتداعياتها الإقتصادية …!
تقرير: سنهوري عيسى

للعام الثاني على التوالي يبدأ العام الجديد بدون إجازة الموازنة العامة للدولة السودانية، بينما تشهد بداية العام الجديد زيادة في الرسوم والضرائب واسعار السلع وتعرفة الخدمات الحكومية ، وزيادة معاناة المواطنين واعباء المعيشية وتتوقف قطاعات الإنتاج، ويصاب المواطنين بالاحباط وخيبة الأمل في العام الجديد الذي عادة يتفاءلون به ويحتفلون في بدايته باستقلال البلاد، بينما يتم استغلالهم من قبل الدولة والتجار بزيادة الرسوم والضرائب واسعار السلع والخدمات، وبالتالي تزيد معاناة المواطنين والاقتصاد.
وشهدت بداية العام الماضي (2022م) زيادة تعرفة الكهرباء وتطبيق الزيادة قبل إجازة الموازنة، بينما تواصل مسلسل تأخير إجازة الموازنة العامة للدولة هذا العام (2023م) والذي شهد أيضاً زيادة في الرسوم والضرائب وتعرفة الخدمات الحكومية قبل إجازة الموازنة العامة للدولة الأمر الذي طرح أسئلة عديدة حائرة تبحث عن إجابة .. في مقدمتها ما وراء تأخير إجازة الموازنة العامة للدولة للعام الجديد (2023م).. وما التداعيات الاقتصادية لتأخير إجازة الموازنة الجديدة .. وهل زيادات الرسوم وتعرفة الخدمات الحكومية .. جزء من تداعيات تأخير الموازنة ، بل السبب في تأخير إجازة الموازنة الجديدة…؟

ما وراء تأخير إجازة الموازنة

أكدت مصادر مطلعة بوزارة المالية والتخطيط الإقتصادي، أن توقيع الاتفاق الإطاري وراء تأخير إجازة الموازنة العامة للدولة لارباكه الخطوات الاعدادية والجدول الزمني لإعداد الموازنة، وتأخر عرضها على مجلس الوزراء فضلا عن اصطدام إجازة الموازنة بعقبة تقاطع القوانين المصاحبة للموازنة رغم إبداعها منضدة مجلس الوزراء ، خاصة القوانين ذات الطابع الايرادي في ظل غياب المؤسسات التشريعية.
ويري خبراء اقتصاديون أن انسداد الأفق السياسي والاقتصادي وراء تأخر إجازة الموازنة العامة للدولة للعام الجديد والذي أثر سلباً على معاش الناس والاقتصاد وزاد معاناة المواطنين بزيادة الرسوم والضرائب وتعرفة الخدمات رغم عدم إجازة الموازنة من مجلسي الوزراء والسيادة، فيما يري خبراء اقتصاديون، أن غياب الحكومة والمؤسسات التشريعية والرقابية يجعل إجازة الموازنة العامة للدولة (تحصيل حاصل ) ولا يقدم أو يؤخر.

غياب السلطة التنفيذية

وأعتبر دكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي، تأخير إجازة الموازنة العامة للدولة للعام 2023م تكرار لسيناريو تأخير إجازة الموازنة العامة للعام الماضي (2022م) لعدم وجود السلطة التنفيذية ممثلة في حكومة الكفاءات الوطنية المستقلة لإدارة الفترة الانتقالية ، ولعدم وجود مجلس وزراء متكامل في الوضع الراهن، ولعدم وجود مجلس سيادة مكتمل وفقا لما نصت عليه الوثيقة الدستورية التي منحت مجلسي السيادة والوزراء سلطة المجلس التشريعي .

الموازنة في مأزق

واضاف دكتور محمد الناير: الآن الموازنة الجديدة للعام 2023م في مأزق حقيقي، حيث لم تعرض حتي الآن علي القطاعات المتخصصة بمجلس الوزراء سواء ( قطاع الحكم والإدارة أو القطاع الثقافي والاجتماعي أو القطاع الاقتصادي)، ثم رفعها لمجلس وزراء مكتمل ومجلس سيادة مكتمل، تمهيدا لعقد جلسة مشتركة لمجلسي السيادة والوزراء لاجازتها، وبالتالي الموازنة الجديدة في مأزق وستتاخر وتتعثر اجازتها، كما أن الانتظار الي حين توقيع الاتفاق النهائي وتشكيل حكومة الكفاءات الوطنية المستقلة سيأخذ وقتا طويلا في ظل الاختلاف حول الاتفاق الإطاري نفسه ، وبالتالي الدولة في مأزق حقيقي وكذلك الموازنة.

الحلول السهلة للخروج من المأزق

ومضى دكتور الناير إلي القول بأن: الدولة لتجاوز مأزقها عمدت إلى اللجوء للحلول السهلة لزيادة الإيرادات عبر تطبيق زيادة في الرسوم والضرائب وتعرفة الخدمات الحكومية قبل إجازة الموازنة الجديدة ، من أجل زيادة الإيرادات الحكومية لتغطية الزيادة الإنفاق الحكومي والتى تضاعفت بنسبة 100%، حيث زادت إيرادات العامة في الموازنة الجديدة الي ( 6 ) تريليون جنيه مقارنة مع ( 3) ترليون جنيه في موازنة العام الماضي والتى لم يتم تحصيلها، بينما لم تنظر الحكومة الحالية في بدائل أخرى حقيقية لزيادة الإيرادات العامة وتحريك قطاعات الإنتاج والصادر، بل لجأت فقط الي الحلول السهلة بزيادة الرسوم والضرائب وتعرفة الخدمات و الحكومية قبل إجازة الموازنة العامة للدولة مما سيضعف قدرة المواطنين وزيادة معاناتهم وبالتالي سينعكس سلبا على إيرادات الدولة بسبب عجز المواطنين عن شراء السلع والخدمات، وتابع: ( هذه مؤشرات غير جيدة في ظل زيادة نسبة الفقر بالسودان الي (80%) ، وزيادة البطالة الي (40%) وغياب دور الدولة في دعم أي شيء ورفع الدعم عن المحروقات والخبز والغاز واهمال قضية محاربة الفقر والبطالة.

أسباب تأخير إجازة الموازنة

وفي السياق ذاته يري دكتور أحمد آدم سالم الخبير الاقتصادي والأمين العام الأسبق لديوان الضرائب، أن إجراءات إعداد الموازنة سنويا فى سبتمبر من كل عام ، وأن أى تأخير يؤدى الى عدم إجازة الموازنة خلال شهر ديسمبر يعنى أن هنالك خلاف كبير فى طريقة ومنهج إعداد الموازنة بين الهيئات والمؤسسات والوزارات ووزارة المالية ، أو أن هنالك خلاف داخل مجلس الوزراء بعد أن تقدمت وزارة المالية بمقترح موازنة العام 2023م، أو أن الموازنة بعد أن اجيزت من قبل مجلس الوزراء لم يتم اعتمادها بواسطة المجلس التشريعى المكون من مجلس الوزراء ومجلس السيادة.
واضاف: مقترح الموازنة يتكون من الموجهات العامة وخطة الدولة المالية خلال العام المالى المعنى والتى يتم فيها تحديد أولويات الصرف المالى خلال العام 2023 م، وقد يكون هذا أحد أسباب تأخير إجازة الموازنة نسبة لعدم وضوح السياسة الإقتصادية وثباتها إضافة إلى تنازع الأطراف المكونة للحكومة فى تخصيص بنود الصرف واسبقياتها، كما يقدم مع مقترح الموازنة دائما حجم الإيرادات والبنود التى يتم الإعتماد عليها فى التحصيل مصحوبة بالقوانين اللازمة التى تمكن الضرائب والجمارك من القيام بدورها
وهنا أيضا يكمن الخلاف بين أجهزة الدولة الغير منسجمة ولا متفقة على الرؤية الإقتصادية للدولة

تداعيات تأخير إجازة الموازنة

وفي السياق نفسه عضد دكتور عبدالله الرمادي الخبير الاقتصادي، من القول بأن إجراءات اعداد الموازنة العامة للدولة تبدأ في شهر سبتمبر من كل عام ، حيث تقوم الوحدات والهيئات الحكومية والوزارات بتقديم مقترحاتها وفقا لموجهات الموازنة التى تصدرها وزارة المالية والتى تحدد حجم الإيرادات وكيفية تحصيلها وآليات سد العجز .
واضاف دكتور الرمادي: أما التداعيات الاقتصادية لتأخير إجازة الموازنة العامة للدولة للعام الجديد (2023م) تكمن فى أن الموازنة العامة هي خطة الدولة السنوية والتى تبني علي إيرادات ومصروفات، وأي تأخير في إجازة الموازنة العامة للدولة يؤثر على خطة الدولة السنوية وتنفيذها ، خاصة زيادة الإيرادات العامة والتي يبدو أن هنالك خلافات حول زيادتها أدت إلى تأخير إجازة الموازنة الجديدة، الأمر الذي يضطر وزارة المالية إلي الاهتداء بموازنة العام الماضي لتنفيذ الموازنة الجديدة كمعالجة مؤقتة الي حين إجازة الموازنة الجديدة.

موازنة تحصيل حاصل

لكن المهندس عادل خلف الله الناطق الرسمي باسم حزب البعث وعضو اللجنة الاقتصادية بقوي الحرية والتغيير، أعتبر إجازة الموازنة الجديدة أو تأخيرها ، (تحصيل حاصل) في ظل السلطة الانقلابية ، غياب الحكومة والمؤسسة التشريعية والرقابية.
واضاف: اجازة ما يمكن تسميته بموازنة ،لا يقدم او يؤخر ، على حقيقة الازمة الاقتصادية والمعيشية ولن يعدو من كونه مجرد اجراء روتينى شكلى.
واكد خلف الله ، أن غياب السلطة الديمقراطية منذ 25 اكتوبر2021 هو العامل الحاسم فيما ٱلت إليه الأوضاع من سوء ، غير مسبوق فى كافه مناحى الحياة ، ولأن الاقتصاد يفضح الأكاذيب والحيل ، كما انكشفت سوءات الانقلاب الاقتصادية والاجتماعية وإن شئت الاختصار فى كلمة ( الأمنية)، والانتهاكات الفظة فى الحريات والحق فى التعبيير والتنظيم .

إكمال وصفة التحرير القاسية

ومضى خلف الله إلي القول بأن: سلطة الانقلاب أكملت الجرعات المتبقية من (وصفة التحرير الاقتصادى القاسية) ، بقطاع الطاقة ، بتحرير المشتقات البترولية والكهرباء ،والدواء ، والقمح ، وتحرير ضريبة الوارداتة( الدولار الجمركى) .
واضاف: النتائج المتوقعة والحتمية لهذه السياسات هى التى دفعت بالسلطة الى التوسع فى الانفاق الاستهلاكى لتامين سلطتها وشراء الوقت والولاء ، ولم تجد سوى فرض الضرائب والأتاوات على المواطنين(مستهلكين ومنتجين) وبما فاق ما فرضه الاتراك والانجليز ،فى واقع اقتصادى يعيش متلازمات الركود والانكماش والنمو السالب .. وهو ما افشل وسيفشل توجهها لزيادة الايرادات خاصة وان نمو الضرائب ،واتباع نهج الضرائب النوعية والتصاعدية مرتبط بنمو الاقتصاد الايجابى وزيادة الاستهلاك ، الوجه الٱخر للانتاج والطلب وتداول النقود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق