رأي
سفر القوافي محمد عبد الله يعقوب يكتب اندهشت
سفر القوافي
محمد عبدالله يعقوب
(إندهاشة) مع وزير كان متمردا مع عبدالواحد نور !!
ومحدثي كان وزيرا للشباب والرياضة بحكومة الشرتاي جعفر عبد الحكم بولاية وسط دارفور في العام ٢٠١٨م وهو ايضا المتمرد السابق بحركة تحرير السودان جناح عبدالواحد محمد نور والذي أقنعته الانقاذ بطرحها للسلام ، فأتى ملبيا ومقتنعا بأن الحرب لن تزيد دافور إلا فرقة وشتات ودمار وخراب وضياع لهذه الجيل والأجيال التي ستأتي لإنعدام الأمن والصحة والتعليم بل المأكل والمشرب في كل المناطق التي تهيمن عليها الحركات المسلحة آنذاك ، وتسميها المناطق المحررة .
هو الوزير أبو القاسم محمد صالح يوسف ، شاب خلوق تخرج في جامعة شندي في العام 2005م ، ومثله مثل معظم خريجي الجامعات السودانية من الدارفوريين ، كمنت لهم استخبارات الحركات المسلحة التي كانت تخترق كل شئ وضربت لهم على الوتر الحساس ( دافورنا مهمشة ، والعرب لديهم كل شئ ) كما قال ، فدخل ابو القاسم حركة عبدالواحد ، لأنه من أبناء زالنجي التي فيها ولد وترعرع قائد الحركة عبد الوحد المقيم أبدا في المدن الأوروبية ولا يصحو من ( مخالفته للجمع ) إطلاقا .
قال لى السيد الوزير الشاب وهو متزوج بالطبع كسائر شباب وسط دارفور وكل الولايات الدارفورية الأخرى وله من البنين والبنات ما يجعله أن يحمد الله ليل نهار ، قال لي وآنا في جوف سيارته ذات الدفع الرباعي في طريق العودة من مدينة قارسيلا الى حاضرة الولاية زالنجي بعد أن شاركنا في نفرة مشروع تعزيز ثقافة السلام وحث الناس على تسليم أسلحتهم طواعية لتتوقف المظاهر المسلحة في الولاية في العام ٢٠١٨م ، وهي النفرة التي كانت تقودها رئاسة الجمهورية آنئذ بإشراف وزير الثقافة وينفذها المشروع القومي لتعزيز ثقافة السلام برئاسة البروفيسور فائز عمر جامع بجامعة بحري والمدرب الذهني محمد عطا عبدالغني والدكتور المخرج عاطف عجبب المحاضر بكلية الموسيقى والدراما جامعة السودان ، قال لي الوزير أو المتمرد السابق وهو ينظر الي الهضاب والجبال والوديان ، أنه كان يقضي ليلة كاملة صعودا في جبل ما ليصل الى قائده أبو جمال ليرفع له التقارير حول تواجد القوات المسلحة وقوات جهاز الأمن والمحابرات الوطني والدعم السريع ، – نعم الدعم السريع المتمرد الآن كان في طوع الإنقاذ ومنفذا لكل أجندتها القتالية والآن تنكر لها – نعود للوزير الذي كان جائعا ويسير بقدميه ، وزاد بأن عائلته كانت في منطقة بجبل مرة ، ويأتي اليها بين الفينة والأخرى حسب مهامه التي تأتي به الى القرب منهم ، مردفا بأن جميع من يعملون جنودا في الحركات المسلحة ليست لهم رواتب أساسا بل هناك مصاريف وقد لاتصل الى معظم المجندين الأبرياء ومن يقوم بعصيان الأوامر تتم تصفيته أو يعذب بصورة مؤلمة في سجون الحركات وغالبا ما يخرج بعاهة مستديمة ، كما أن الجرحي والمصابين لاتوجد وحدات صحية للعناية بهم بل يوزعون داخل البيوت في المناطق المحررة لتعتني بهم النساء ويحدث ذلك حتى في بيت القائد ، وسرد لي قصة فحواها أن القوات المسلحة قد صدت هجوما لهم وكبدتهم الكثير من القتلى والجرحي ، فقاموا بتوزيع الجرحي على البيوت ومنهم أربعة أو خمسة من مليشيا عبد الواحد تم وضعهم في بيت القائد الميداني ، وغادرت القوات بعد أن جاءتهم إخبارية بهجوم وشيك سيقوم به الجيش في منطقتهم ، وبعد أن عادوا لم يجد القائد الميداني جرحاه في المنزل بعد أن فروا نتيجة للمعاملة السيئة من زوجته التي رفضت تقديم الطعام والشراب وتطبيب جروحهم ، فقام بتطليقها فورا حتى لايضعف روح جنوده المعنوية .
الوزير الشاب أبلغني أن الغذاء الرئيس لجنوده وسائر كتائب عبد الواحد ومنى أركو مناوي وجبريل إبراهيم وبقية الحركات الصغيرة يتمثل في العصيدة ولحم ( التيوس) والمريسة والعرقي والأخيرين في غاية الأهمية لأن الجنود لايتقدمون في الميدان دونهما ويفعلون كل شئ من أجل البهجة و( الإنبساط ) ، وليس لديهم زي موحد ولاتمويل إلا من تبرعات بعض التجار الذين يساندون الحركات ولا تأتيهم من رئيس الحركة عبدالواحد أية أموال بل حتى القائد الميداني وهو برتبة كبيرة يصعب الوصول إليه ، وسبق لوزيرنا وهو قائد قطاع في التمرد أن إحتاج لكي يصل الى قائده فظل يصعد في الجبل لثلاث ساعات بعد أن هاتفه ، وعندما وصل الى المقر طلب من حرسه الشخصي أن يجلس وينتظر وكانت دهشته بعد ساعتين من الإنتظار أن القائد خرج من مكان بالقرب منه ومر أمامه ( سكرانا ) ولم يلتفت إليه وغاب عن أنظاره وخلفه حرسه .
وأضاف الوزير أن الجو العام داخل الحركة يسوده ( عدم الثقة ) والحذر الشديد وتوقع الأسوأ دائما ، ليس من القوات الحكومية ولكن من قادة الحركة الكبار ، وسبق أن قام كبيرهم بتعذيب عدد من القادة الصغار حتى أشرفوا على الموت ، ففروا منه عقب خروجهم من السجن وإنضموا الى السلام وبعد فترة جاء الرجل وإنضم هو الآخر الى السلام فتساءل المعذبون ( ماذا نفعل لهذا القاتل إن إلتقينا به في الخرطوم أو أي مكان ) ولكن الوزير قال لهم لحظتها ( أعفوا عنه فتلك حقبة قد مضت ) .
ووزيرنا أبو القاسم محمد صالح هو الآن أحد قادة حزب تحرير السودان القيادة العامة ولديه خطط كثيرة وبرامج مبهرة لإعادة التوازن لشباب ولاية وسط دارفور عبر مراكز الشباب والمناشط الثقافية والرياضية بتنمية مواهبهم حتى يخرجوا من جو الحرب والإغتيالات الكئيب .
خروج اول
ولكن اين وزيرنا الآن وقد انقلبت الآية واضحى الدعم مليشيا تقتل وتنهب وتغتصب ودخلت الحركات تحت جلباب الحكومة في القوة المشتركة وضاعت وسط دارفور وحاضرتها زالنجي وزال سلطانه وتهجر اهلها وتخنقها قوات الدعم السريع من جهاتها الاربع وما عادت جنة الله في الأرض ۔
خروج اخير
يا خوف نفسي من غد ، هكذا تغنت ام كلثوم سيدة الغناء العربي وهكذا كتب شاعرنا الهادي آدم ۔۔ ولكن من يكتب لدارفور السليبة ومن يتغنى لها وكل ابنائها لاهم لهم الا ان يتبادلوا دور ( الخائن والبطل ) تماما كما يحدث في افلام الكابوي ( رعاة البقر ) في الغرب الامريكي في ثلاثينات القرن الماضي ۔