رأي
ا سفر القوافي محمد عبد الله يعقوب الشلوخ ۔۔( فيك خدين نايرات خجالا .. وعين هلكت فرسان مجالا )
ا سفر القوافي
محمد عبد الله يعقوب
الشلوخ ۔۔( فيك خدين نايرات خجالا .. وعين هلكت فرسان مجالا )
يقول الباحثون السودانيون – عبر الموسوعة الحرة – إن الشلوخ عادة سودانية قديمة كانت تجرى للفتاة عند الدخول إلى مرحلة النضج وفقاً للمعايير الاجتماعية السائدة حينها، وهي جروح ترسم في الخدود على جانبى الوجه أو على الصدغ (طولية أو عرضية). وتاريخياً، انفرد السودانيُّون بعادة الشلوخ، وتختلف هذه العادة من قبيلة لأخرى، فيما توجد نفس هذه الشلوخ في جنوب السودان لكنها توضع في الغالب في الجبهة.
وحالياً توقفت هذه العادة الا في القليل من البقاع الريفية النائية ، ويعتقد بأن هذه العادة مرتبطة بتاريخ الرق القديم إذ تعتبر الشلوخ – بعدم إمكانية ازالتها – بمثابة اثبات انتماء حى لا يقبل خرقه حيث يضعها السودانيون أساساً للتمييز بين قبيلة وأخرى ، وتعتبر أيضا مظهر من مظاهر التجميل والزينة لوجه الفتاة على نحو ما كان سائدا حينها، وتقوم بها في الغالب امرأة معينة تحمل الموس الحاد وتخطط خط على جبين الفتاة لتكمل ستة او ثمانية او عشرة خطوط بطول الخد، حتى تكتمل العملية المؤلمة وسط الصراخ والالم وبعد ذلك تغسل الجروح ويوسع كل واحد منها ثم يلصق عليه القطن المشبع بالمحلبية والقطران ويزداد الالم ، وتعاني الفتاة عدة اسابيع من الام نتيجة للحمى الشديدة وتورم الخدود ويكون سرور الاهل عظيما كلما كانت الشلوخ عميقة وعريضة في خدود البنت اليانعة، وعلى الرغم من خطورة هذه العملية الا انها كانت تعتبر ضرورية لزينة وجمال المرأة السودانية وتفيض الاغاني الشعبية لشعراء ذلك الزمن بالنمازج التي تغنت بجمال الشلوخ.
ولكن انتشر الوعي وتحررت المرأة السودانية من هذه العملية. والشلوخ عادة عربية وسمة تميز العرب عن سواهم من الشعوب الوطنية الأخرى كالنوبيين ومن نزحوا إلى السودان خلال القرن التاسع عشر كالمصريين والشوام والأتراك، ولم يعثر على إشارة صريحة لانتشار عادة الشلوخ بين العرب في جزيرتهم لكن العرب يستعملون ألفاظاً أخرى للدلالة على عمليات شبيهة بالشلوخ كالفصد والوسم والوشم واللعوط والمشالي.
ولفظة ” الشلخ وردت في تاج العروس بين جواهر القاموس، وفيها أن الشلخ هو الأصل والعرق (ونجل الرجل)، والشلخ عند العامة لحاء الغصن والشجرة.وفي المناطق الشمالية من السودان وهي الأكثر تمسكاً بهذه العادة، وتنتشر فيها الشلوخ ذات الخطوط العمودية الثلاثة وكذلك الخطوط الأفقية، وهذه الشلوخ منتشرة في هذا الوقت عند قبيلة (المحس) وشلوخهم طويلة ورفيعة، وعند قبيلتي (الدناقلة والبديرية) تكون الشلوخ طويلة وعميقة وعريضة تملأ سائر الخد وكذلك الشايقية والجعليين .
وفي واقع الأمر؛ فإنه مع التزام القبيلة بشلخ واحد على صورة معينة؛ فإن الشكل النهائي لذلك الشلخ يختلف في بعض تفاصيله عن بطن لآخر وحتى بين أفراد الأسرة الواحدة ويرجع ذلك إلى الطريقة التي يختارها (الشلاخ) من يقوم بعملية الشلخ، وعادة ما تجري الشلوخ للذكور في سن مبكرة لا تتجاوز الخامسة على الأرجح وتؤخر قليلا عند الإناث حتى تتفتح معالم الوجه ويكتنز لحماً حيث يسهل على ( الشلاخ) اختيار الصورة المناسبة للشلخ.
الشلخ ذو الثلاث خطوط عمودية، وهو ينتشر عند قبيلة (الجعليين) في شمال السودان، وكذلك هناك شلخ (السلم) ذو الدرجة الواحدة وهو كالحرف (h) بالحروف الإنكليزية، ومن شلوخ الجعليين أيضاً (الواسوق) وهو كالحرف (t) ويسميه البعض (درب الطير)، وقد اكتسب هذا الشلخ مفهوماً طائفيًّا فيما بعد.
وتنفرد قبيلة (الشايقية) بشلخ خاص بها وهو عبارة عن ثلاثة خطوط أفقية متوازية يمتد أوسطها من عند الفم حتى أقصى الخد. أما قبيلة (العبدلاب) في شمال السودان الغربي فلنسائها شلخ خاص بهن، عبارة عن ثلاثة خطوط عمودية تسند على خط أفقي يسمى “العارض”، ومن نساء قبيلة العبدلاب انتقل العارض إلى المناطق الأخرى حيث فضلته كثير من النساء على سواه لجمال منظره.
وفي المنطقة الوسطى من حوض وادي النيل انتشرت الشلوخ ذات المدلول القبلي ثم انتقلت إلى بعض الأقاليم الأخرى عندما هاجر ممثلو القبائل سعياً وراء الرزق والتجارة فحملت الشلوخ معها ومنها انتقلت لمجموعات على سبيل التقليد أو نتيجة الاختلاط وارتباط عادة الشلوخ بأنها مؤشر قبلي، ما لم يقلل من المضمون الجمالي للشلوخ، خاصة عندما قلت الحاجة للتمييز بين القبائل لاستتباب الأمن ونتيجة التداخل بين جماعاتهم القبلية، اكتسبت الشلوخ مفاهيم جديدة، منها الجمالي ومع أن النساء كن في مبدأ الأمر يلتزمن بتلك الشارات القبلية كالرجال تماماً، إلا أن قلة تعرضهن للأخطار وهن في (الحضر) وعدم خروجهن خارج حمى القبيلة جعل الاحتفاظ بالشلوخ ذات المفهوم القبلي أقل ضرورة لهن.
ولكن تجريح خدود النساء بتلك العلامات القبلية مع ما تحدثه من تشويه لخلقة الخالق، قد خلقت نوعاً من الاعتقاد بين عامة الناس بأنها تضفي حسناً وجمالاً على المرأة بل تكسب وجهها سحراً.
ويقول الأستاذ مؤيد عبدالباقي ” تعتبر عملية الشلوخ عملية بشعة ومؤلمة وتقوم بها في الغالب امرأة معينة لا تعرف شيئا عن الادوات الصحية ولم تسمع عن التعقيم والجراثيم التي تصيب الجروح ولا تحس بخطورة هذه العملية المؤلمة وتنفذها من غير رحمة ولكنها تحمل الموس الحاد بكل اطمئنان وتخطط خط على جبين الفتاة لتكمل ستة او ثمانية او عشرة خطوط بطول الخد في الغالب وسط صراخ الفتاة من جراء الالم المبرح وهي تحاول الافلات دون جدوى من قبضة نساء قويات لا تعرف قلوبهن الرحمة او الشفقة على الضحية المغلوب على امرها ، وتمسك اولئك النسوة بذراعي الفتاة ويثبتها حتى تكتمل العملية المؤلمة وسط الصراخ الشديد والالم ، وبعد ذلك تغسل الجروح ويوسع كل واحد منها ثم يلصق عليه القطن المشبع بالمحلبية والقطران ويزداد الالم ، وتتعذب الفتاة المسكينة عدة اسابيع وهي تعاني الاما مبرحة نتيجة للحمى الشديدة وتورم الخدود ويكون سرور الاهل عظيما كلما كانت الشلوخ عميقة وعريضة في خدود البنت اليانعة ، وعلى الرغم من خطورة هذه العملية الا انها كانت تعتبر مظهرا من مظاهر الزينة والجمال بالنسبة للمرأة السودانية وتفيض الاغاني الشعبية لشعراء ذلك الزمان بالنمازج التي تغنت بجمال الشلوخ ، ولكن بحمدالله فقد انتشر الوعي وتحررت المرأة السودانية من هذه العملية البشعة التي لا اجد وصفا انسب لها من كلمة المجزرة ”
الشلوخ في الغناء
ويقول الدكتور أحمد القرشي إن من الشعراء الذين تغنوا بالشلوخ الشاعرابراهيم العبادى حيث قال في أغنية من فروع الحنة :
القوام متوازن … لاقصر لاطول
والشليخ افعاله … تصرفات مسطول
ماهو خاتى ده ساند …ضهره في الأسطول
والعيون حراسه …فوق جفون وصفاح
وقال ابوصلاح واصفا جمال الشلوخ أيضا في أغنية ما كنت رايق وساكن ..
كيف المنام وعيونا يكونوا متفقين
وهنا الشلوخ تتقادح والخدود رايقين
فرت قلوبنا وطارت من قلوبنا يقين
كيف الهلاك شايفنو وليهو مشتاقين
وقال أيضا في أغنية ماله سبعه أم صدرا علا ..
بى عقولنا المترجلا ….في غرامك متوحلا
بالعيون المتكحلا … والشلوخ الزادن حلا
وكان ابوصلاح مغرما بذوات الشلوخ حيث قال في أغنية شوف العين قالت ده لا لا …
ده العفه الهلكت رجاله….يا أم شلاخ تعب الرجاله
فيك خدين نايرات خجاله ….وعين هلكت فرسان مجاله
أما في أغنية ياليل ابقالى شاهد فتحدث ابوصلاح عن جمال الشلوخ في هذه الابيات …
خده البى مطارقه فاصد …جامع كل قاصد
طرفه المكحول وراصد …..بى سهامه الالمونى
خروج اخير
على فتيات جيل الثمانينات وحتى تاريخه ان يحمدن الله حمدا كثيرا ، لأن الشعب السوداني قد تجاوز هذه العادة المميتة رغم انف العبادي ورصفائه من اهل الشعر والفن ، ويكفي الشاعر حسن الزبير ان تبرأ من ذات الشلوخ في اغنيته الاشهر التي غنلها الفنان الراحل محمد ميرغني بقوله :
لا بتفاصلي لا بتواصلي لا بتلومي
انتي تعيشي يا الهالكاني يا الكاتلاني
قبال يومي
شعرك سبسب بالتسريح بعد مندلي
تجيبو النسمة في جبينك
وانتي تعلي
والخد صورة زي بلورة ۔۔ خاتي مساير ۔
وبالطبع الخد صورة زي بلورة اي غير مشلوخ ، وهذا يحسب له ۔