رأي
الكلام دخل الحوش..كتب عصام الصولي رحلة الشقاء والعذاب ،،،1

الكلام دخل الحوش..كتب عصام الصولي
رحلة الشقاء والعذاب ،،،1….2
كان علينا ان نمتثل للمشيئة بصدر رحب وايمان عميق بان امر الله كله خير وعندما استباح الأوباش مدينتنا الوادعه المسالمه الحوش من أعمال جنوب الجزيرة كان قدرنا الفرار بسلامة ارواحنا تحت وابل الرصاص بنوعيه الخفيف والثقيل تاركين خلفنا متاع الدنيا الزائل من فرش ومتاع متلفحين بالظلام والبرد ووعثاء الطريق ميممين شطر اي مكان امن بعيدا عن الموت الذي كان فاغرا فاهه جاهزا لحصد الارواح البريئة لايفرق بين شيخ مسن أو عاجزا اقعده المرض أو سيدة طاعنة في السن أو طفل حتي لو كان رضيعا .
سيرا علي الأقدام
ذلك الليل البهيم الموحي صمته بالخوف والقلق والترقب سلكنا طريقا بعيدا نسبيا عن مرمي النيران متخذين من الخرابات ساترا والتوجس يملأ القلوب مرورا بقرية ابوقمري التي عندما وصلنا مع خيط الاشراق الباهت لم يكن الأوباش قد وصولوها بعد وإن هي إلا مده قصيرة امهلتنا حتي تجاوزنا الكوبري المهدم للقرية فأذا بصوت الرصاص يدوي ويلعلع في شراسة قاطعة صمت المكان ليتناثر علي مقربة منا لنخط الخطي مسرعين زرافاتا ووحدانا نجر خلفنا اطفالنا الصغار غير عابئين بنحول الاجساد وضعفها لنبلغ بعد كيلومترات ثلاثة قطعناها سيرا علي الأقدام قرية جبر التي كانت وقتها بعيدة نسبيا عن اقدام الأوباش النتنه.
العبور الي المناقل
والهدف كان الوصول للمناقل العاصمه الادارية الجديده لولاية الجزيرة بعد سقوط مدني والمكان الامن الوحيد الامن في كامل الولاية .
كانت المشكلة ان معظم من نزحوا من الحوش لايملكون المال الكافي بل وبعضهم معدمين ومنهم من ترك ماله خلقه في رحلة التيه والقلق هذه وهنا تجلت شهامة ابن البلد الحقيقي إذ كان حظنا السعيد اوقعنا في صاحب غربة دفار وجدناه مرابطا في قرية جبر ودون كثير عنت حمل كل المتعبين الحيارى بلا مقابل حتي محطة عبود من أعمال محلية المناقل .
الجوع والعطش
هذا الثنائي المرعب اذا اتحدا علي شخص فالويل له ثم الويل ثم الويل لاسيما العجزة والمرضي والاطفال .فكان ان استقبلتنا مطاعم عبود بوجبات مجانية وانماء القراح خفف كثيرا من وعثاءالسفر وسوء المنقلب بل تزاحم علينا اهل عبود الأخيار كل يريد الظفر بمجموعه منا عرضوا علي من لا معارف له االقامه بين ظهرانيهم
تلقفنا شيخ خلوة فاضل من وسط الزحام واطعمنا وسقانا وعرض علينا الاقامه في داره انا واطفالي ولكن كان الحل اني سريعا لتنتقل الي وجهة اخري.
اسرة الشهم حسين
وحسبن هذا صاحب مخبز شهير بعبود استضافنا بأريحية خمسة ايام بلياليها واغدق علينا واسرته الكريمة فيوضا من الكرم الحاتمي إنسانا كثيرا تعب الرحلة الشافة والخوف الذي عشعش في نفوسنا وتبارت اسرته الكريمة في احتضان اطفالي فلهم منا كثير الجزاء وكل ما نهم بالمغادرة للمناقل يستبقونا حتي رضخوا أخيرا لرغبتنا فودعونا بالدموع الغزيرة علي أمل اللقيا قريبا ولم تنقطع اتصالاتهم بنا حتي اللحظة للاطمئنان علي احوالنا..
المناقل
وصلنا ولم نصدق اننا عبرنا حقا لقد كتب لنا عمرا جديدة دخلناها بصحه جيدة وانفس مرتاحه إلا اننا لم نمكث فيها طويلا رغم حيويتها وعمارة سوقها وفيها وجدنا الكثير من من أهل منطقتنا الذين حرجوا قبلنا تعانقنا وتسالمنا واطمئننا علي احوال بعضنا البعض.
يتبع الجزذ الثاني من رحلة الشقاء والعذاب