رأي
سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب اطفالنا و( لبسة العيد ) ودندنات محمد سعد دياب !!

سفر القوافي
محمد عبدالله يعقوب
اطفالنا و( لبسة العيد ) ودندنات محمد سعد دياب !!
ألم وحرقة شديدين في عيون الآباء والأمهات والعيد قد عزفت سيمفونيته بإنقضاء أجل شهر رمضان المعظم ، فالآباء أقعدهم ( الفلس ) وغلاء السوق عن تلبية مفرحات أولادهم وبناتهم في عيد ( الهدوم والكعك ) عيد الفطر المبارك ، والأمهات أكلت الحسرة أكبادهن وهن ينظرن الى صغارهن الذين أفرغت حرب الجنجويد مع الحكومة بهجة العيد من معناها بالتضخم الذي طال كل شئ في بلادنا حتى أضحت قطعة الطعمية الواحدة بخمسين جنيها سودانيا .. وكل عام وانت بخير يا ايها الجنرال البرهان .وكباشي والعطا وجابر.، ولا سلم الله الملعون حميدتي ، ولا بارك للفاشل حمدوك الخبير في الفشل اللامحود وحياكة المؤامرات وبيع الاوطان ، ولعن الله كل من ارق مضاجع اطفال ونساء السودان وشيوخه وحرمهم من لقمة العيش والكساء والمأوي والحياة الكريمة ، وقاتل الله كل دولة ولغت في مستنقع آل دقلو الآسن الذي جلب الحوع والفقر والمرض ولنزوح واللجوء لشرفاء السودان الاحرارفي كل مكان في الكرة الارضية ، ورحم الله أطفال السودان الابرياء وهم يحلمون ب( لبسة العيد السعيد ) في كل يوم .
خروج أول
رحم الله أبي الذي قد مرت ذكرى رحيله الخامسة في رمضان هذا العام ، فقد كان قويا صلبا لم يبك يوما من تقلب الظروف وأدركت بعد رحيله أنني الآن يتيما تجاوز الستين من عمره ، اللهم أرحمه وأدخله جنتك في زمرة الانقياء والاتقياء والصالحين .
خروج اخير
إنقضى رمضان وأصبحنا نتنسم عبير العيد السعيد ولكي نأتي بعيدية لها وقع في نفوس المتعبين إنتقيت لكم قصيدة (عيناك والجرح القديم) رائعة الشاعر محمد سعد دياب فهي من أكثر القصائد التي وجدت قبولاً لدى الشباب لسنوات طوال وضمخ بها المحبون خطاباتهم الغرامية وما زالوا ينهلون من سنا برقها الكاشف للوجد في القلوب الظمأى للتحنان والمؤانسة المترعة بصدق العاطفة التي مضى عهدها الآن إلى غير رجعة، فهي قصيدة استحقت أن يجعلها الراحل عنواناً لأحد دواوينه المدهشة كشعره الذي تميز بالسلاسة والقبول المطلق ولنلق نظرة على حياة هذا الشاعر الذي حمل الوطن بين ضلوعه حتى رحيله بمدينة ينبع السعودية في أكتوبر من العام 2006م. ولد محمد سعد دياب بأم درمان في العام 1945م وتخرج في معهد المعلمين العالي (كلية التربية) متخصصاً في اللغة الإنجليزية، ثم التحق بجامعة ليدز بإنجلترا للحصول على دبلوم تدريس اللغة الإنجليزية لأقطار ما وراء البحار. ومكنته دراسته في إنجلترا من تعميق رؤيته للأدب الإنجليزي واستيعابه بمنظور جديد. عمل بعد تخرجه مدرساً بالمدارس الثانوية، قدم العديد من البرامج الأدبية من الإذاعة السودانية والتلفزيون القومي، ونشر العديد من قصائده ومقالاته في الصحف السودانية، والصحف والمجلات السعودية.
ومن أبرز دواوينه الشعرية:(حبيبتي والمساء 1971)- (عيناك والجرح القديم 1986) الذي طبع منه ثلاث طبعات، وكان يستعد لإصدار ديوانه الثالث الذي يحمل عنوان (ونكتب في زمن الحزن).
ونقدم للقراء رائعته عيناك والجرح القديم إجلالاً لأزاهيره العطرة، فقد كان وما زال شاعر لا يشق له غبار، أوفى جميلات بلادنا حقهن من النسيب الشفيف وعلى وقع تشببه سار الركبان وتعلم العشاق و(الحبان ) صولة الحب وجولته فماذا قال محمد سعد دياب لجميلة الحي التي غاب عنها لبضع سنين وعاد واذا بها بذات الفتنة والجمال والإبهار :
وكنت أحدث عنك الدوالي وكنت أحدث عنك النهارا
أحدثها عن عيون تتوه بهن الأماسي، وتمشي سكارى
وشعر ترامى على الكتف يهفو لوعد المساء يضيق انتظارا
وكنت أباهي بعينيك زهوا أطاول كل الوجود افتخارا
كتبت لهن مقاطع شعر كضوء الصباح تشف اخضرارا
وكان هوانا حديث الرواة سقيناه نبضاً وعشناه دارا
نقشنا على كل نجم حروفاً لميعاد حب نقشنا الجدارا
يهش المساء إذا نحن جئنا وتهفو الدروب تطل انبهارا
ويسأل عنك عشب الطريق لكم أوحشته خطاك مرارا
ولما افترقنا، ظننت هوانا لقد مات عمراً، ومات مزارا
وألقاك بعد السنين، وآهٍ إذا ما صحا الشوق نبضاً ونارا
وأعجب، ما غيرتك السنين ولا العمر من فوق نهديك سارا
فلا زلت وجهاً يضيء، ونهداً يتيه غروراً، ويأبى الإزارا
وخصلات شعرك مثل المساء رقدن على الكتف، تهن حيارى
أحبك، ما كان عندي خيار وهل عند عينيك ألقى خيارا
لتبقى عذاباً لنا الذكريات وتدمي الفؤاد إذا الشوق ثارا ۔