سفر القوافي
محمد عبدالله يعقوب
تمور المحس في دلقو والبرقيق ومنظومة التعليم المتفردة !!
غادرنا مدينة البرقيق الجميلة في منتصف سبتمبر من العام 2018 , بعد أن بتنا بها ليلة رائعة ونحن في تطواف ثقافي برفقة بعثة وزارة الثقافة الإتحادية ضمن قافلة التعريف بدنقلا عاصمة الثقافة السودانية ، وأهل البرقيق كرماء الى حد ( الأخاء الصادق ) ،
ؤعندما وصلت القافلة الى مدينة دلقو – وهي محسية السحنة – وجدنا مدير وحدتها الإدارية وعدد من موظفيه في استقبالنا ، وقال الضابط الإداري ذو الخطوط العديدة في كتفه ، قال ان معتمد المحلية وكبار موظفيه كانوا سيأتون لإستقبالنا إلا أن عطبا أصاب ( البنطون ) فلم يستطيعوا القدوم ، وبين لنا أن محلية دلقوا تقع رئاستها غرب النيل ، بينما المدينة الرئيسة تقع في الضفة الشرقية وهي التي أتينا إليها ، واصفا إياها بأقدم الوحدات الإدارية في تاريخ السودان إذ بناها الإستعمار الإنجليزي في العام 1882 وكان يدير ماتبقى من أجزاء السودان غير الخاضعة لسلطة الدولة المهدية منها وفي ذات التاريخ أنشأ بها أول مركز للشرطة في السودان وكذلك بنى بها أول مدرسة أولية ( ابتدائية ) في العام 1907م ومن أشهر تلاميذها الضابط بقوة دفاع السودان سيد فرح الذي فجر مع زملائه بجمعية اللواء الأبيض ثورة عام 1924م ، فغضب المستعمر من هذا الطالب وآخرين معه كانوا قد درسو بمدرسة دلقو فقام بإغلاقها في ذات العام ( 1924م ) حتى أعيد إفتتاحها بعد سنوات طويلة .
(2 )
التعليم في دلقو له خصوصية ، وتنظيم ، وترتيب وهيئات تدريس قل أن توجد في مدارس البلاد ، ومازال المعلم له التجلة والإحترام هناك، فقد دخلنا ما يعرف بـ( تجميع مدارس دلقو ) لتقدم فرقة الإكروبات السودانية عروضها الشائقة التي نالت إعجاب التلاميذ والتلميذات ،وفي رده على سؤالي حول معنى ومغزى عبارة ( تجميع مدارس دلقو ) المكتوبة على بوابة المدرسة الرئيسية ، قال لي إن هذا التجميع للصفوف من السادس حتى الثامن ( بنين وبنات ) لكل المدارس في هذا المجمع على أن يدرس تلاميذ الصف الأول حتى الخامس بمدارسهم ، لينقلوا الى هذا المجمع التركيزي ليكملوا ما تبقى لهم ، بحسبان أنهم كبار في السن مقارنة مع تلاميذ الصف الأول والثاني وغيرهم ، كما أن المجمع أشبه بالمرحلة المتوسطة التي ذوبتها الحكومة – حينذاك – ، ومن خلال مراجعة أداء التلاميذ في المدارس ذات الثمان فصول وصل خبراء التعليم في المحلية الى هذه الطريقة التي جاءت بنتائج باهرة في مستوى إستيعاب كبار التلاميذ للدروس محققين نتائج باهرة في إمتحان الشهادة الابتدائية الأخير .
( ٣ )
بدأت بشريات حصاد التمور في الولاية الشمالية وكل الأسواق في دنقلا ، البرقيق ، كرمة البلد ، كرمة النزل ودلقو إرتفعت فيها تلال جوالات التمور وتلال أخرى داخل المنازل الواسعة في عملية إكمال النضج والتجفيف ، والناس سعداء تكسو وجوههم البشرى ، فقد حصدوا تمورهم وسيبيعونها لسداد ديونهم وإكمال مشاريعهم المؤجلة وأولها زفاف الأبناء والبنات وختان الصغار وجلب الفرحة للحبوبات والأمهات وسيدات الحسن من الزوجات الفضليات .
خروج اخير
بالولاية الشمالية مجتمع معافى ومتناغم ومحسوبة خطواته بدقة ، ولا سبيل الى الصدفة ، وابرز ما يميز انسانها سمو الاخلاق والتقوى وحب الضيف والعفاف ۔۔ المجد والخلود لإنسان الولاية الشمالية المبدع في كل شئ ۔
