رأي
سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب القصر الجمهوري ۔۔ من ( سراي الحكمدار ) الى ولغ الجنحويد ۔۔ ثم تحريره بقوة ابطال السودلن !!

سفر القوافي
محمد عبدالله يعقوب
القصر الجمهوري ۔۔ من ( سراي الحكمدار ) الى ولغ الجنحويد ۔۔ ثم تحريره بقوة ابطال السودلن !!
جاء في سجلات التاريخ أنه ولنحو ثلاثة قرون، ظلت مدينة سِنّار التي تقع جنوب شرق البلاد، عاصمة للسودلن قبل الحكم العثماني الذي بدأ عام 1821، وبدأ معه الانتقال التدريجي لتحويل العاصمة إلى مدينة الخرطوم ونقل الدواوين الحكومية إليها.
وفي عام 1825، وضع حاكم السودان محو بك أورفلي أول لبِنة في القصر الذي اختار أن يكون على الضفة الجنوبية للنيل الأزرق، على بعد أقل من كيلومتر من ملتقى النيلين الأبيض والأزرق.
بُني القصر من الطين اللبن على شكل مستطيل، ليكون مقراً لإدارة حكم السودان وسكناً للحكمدار وهو المسمى الذي كان يطلق آنذاك على حاكم البلاد، وأطلق على القصر “سراي الحكمدارية”، الذي أضيفت عليه لاحقاً بعض الإضافات والتحسينات.
وفي عام 1834، اكتمل بناء القصر في عهد الحكمدار علي خورشيد باشا، الذي قرر الانتقال النهائي واتخاذ الخرطوم عاصمة لإدارة حكم السودان طيلة فترة الحكم العثماني، وأنشأ مبنى المديرية ونقل إليه دواوين إدارة الدولة ومصالحه
وخلال الحكم العثماني، ازداد اهتمام حكام السودان بتحسين القصر الرئاسي؛ فبعد 17 عاماً، قرر الحكمدار عبد اللطيف باشا عبد الله هدمه وإعادة تشييده في سنة 1851
والقصر الجمهوري ، هو المقر الرسمي لرئيس الدولة في السودان قبل بناء القصر الجمهوري الجديد ويقع في العاصمة الخرطوم ويضم مكتب الرئيس ونوابه وفيه تتم استضافة رؤساء الدول الأجنبية الذين يقومون بزيارات رسمية للسودان وتتم فيه مراسم تقديم أوراق الأعتماد بالنسبة لسفراء الدول الأجنبية وتجري فيه الاحتفالات الرسمية للبلاد (تم نقلها للقصر الرئاسي الجديد). وللقصر الجمهوري السوداني تاريخاً حافلاً بالأحداث التاريخية بدءا بمقتل الجنرال غوردون حاكم السودان البريطاني إبان الحكم التركي المصري للسودان على أيدي أنصار الثورة المهدية، ومروراً بأول احتفال باستقلال السودان عن الحكم الثاني في يناير / كانون الثاني سنة 1956 م وإنزال علمي الإدارة الإستعمارية ورفع علم السودان الجديد، وانتهاء بمسلسل الأحداث السياسية عقب الاستقلال وأهمها الصراع السياسي على السلطة ومن بينها احتجاز الرئيس جعفر نميري فيه لبضعة أيام من قبل مناوئيه الذين استلوا على السلطة لفترة زمنية قصيرة في عام 1972 بقيادة الرائد هاشم العطا. ويشكل القصر الجمهوري السوداني رمزاً سياسياً في السودان فقد حملت الطوابع البريدية والعملات الورقية صورته والتي تتخلل مشاهد وصور النشرات الإعلامية في البلاد ويطلق اسمه على الشارع الرئيسي المؤدي إليه من جهة الجنوب والذي كان يعرف سابقاً باسم شارع فيكتوريا. ويعتبر القصر الجمهوري من المعالم المعمارية الرئيسية في الخرطوم وهو يطل على الضفة الجنوبية لنهر النيل الأزرق بالقرب من مقرن النيلين الأزرق والأبيض وفي واحد من أجمل شوارع العاصمة المثلثة. ويطل القصر من الناحية الجنوبية على ساحة صغيرة كانت تحمل اسمه حتى وقت قريب (ساحة القصر) قبل أن يطلق عليها اسم ساحة الشهداء ويقصدها معظم زوار الخرطوم وزوار المتحف المفتوح للجمهور والواقع في حديقة القصر من الناحية الشرقية.
تم وضع حجر الأساس للقصر في سنة 1830 وبدأت عمليات البناء والتشييد في سنة 1832 م. والتي تم تنفيذها علي مراحل شهدت تغيير في مواد البناء، فقد استخدم الطين والطوب في البداية والذي تم جلبه من مو قع آثار مدينة سوبا عاصمة مملكة علوة القديمة.
أطلق عليه في بداية إنشائه اسم سرايا الحكمدار. وفي فترات الحكم الثنائي (1898-1956) عرف باسم سرايا الحاكم العام. والسرايا لفظ فارسي الأصل بمعنى القلعة أو القصر استخدم بكثرة إبان الدولة العثمانية (باللغة التركية Seray) بالمعنى ذاته
وعرف القصر الجمهوري أيضا في بعض الأحايين باسم القلعة (بالإنجليزية castle وهو الاسم الذي كان يحمله أيضاّ شارع القصر. وبعد استقلال السودان في سنة 1956 عرف باسم القصر الجمهوري على غرار تسميات مقار رؤساء الجمهوريات في بلدان العالم المختلفة، وهو الاسم الذي ظل يحمله حتى عام 1972 عندما قرر الرئيس نميري تغيير الاسم إلى قصر الشعب في خطاب ألقاه على الأمة بعد فشل الانقلاب الذي قاده ضده الرائد هاشم العطا، باعتبار أن الشعب هو الذي ناصر نميري الذي كان محتجزاً في القصر أثناء أيام الانقلاب. وبعد الإطاحة بحكم نميري من قبل عسكريين بقيادة المشير عبد الرحمن سوار الذهب تحت ضغوط من قادة انتفاضة شعبية كبيرة في ابريل 1986، أُعيدت تسمية القصر بالقصر الجمهوري.
ففي سنة 1906تم تصميم بنايات القصر على غرار تصاميم هندسة تشييد المباني الكبيرة التي كانت سائدة في أووبا في القرن السابع عشر، مع لمسة شرق أوسطية واضحة تتمثل في الأبواب والنوافذ المقوسة إلى جانب النوافذ الرومانية والأغريقية والشرفات والفراندات البحرمتوسطية.
ويتكون المبنى الرئيسي للقصر من جناح رئيسي يمتد شرقاً وغرباً، يتفرع منه جناحان يمتدان تجاه الشمال والجنوب في أبعاد متساوية، ويقع الباب الرئيسي للقصر جهة الشمال على شارع النيل، في حين تقع الواجهة الرئيسية له جهة الجنوب وتفتح على الحديقة الكبيرة تجاه شارع القصر، وهي التي تظهر صورها في مشاهد وسائل الإعلام وفي الطوابع البريدية والعملات الورقية وذلك لجمالها الهندسي ومحيطها الطبيعي المخضر.
ويتكون القصر من ثلاث أجزاء: جزء أرضي يعلوه طابقان: الطابق الأول والطابق الثاني. وتم لاحقاً نقل مكاتب الحكمدار (الحاكم العام) إلى الطابق الثاني داخل القصر بينما خصص الطابق الأرضي فيه لمكاتب مساعدي الحكمدار وسكرتاريته فيما بقي الطابق الأول مسكناً له وأنشئت مبان أخرى ملحقة لإقامة حاشيته خارج مبنى القصر. لكن هذا التقسيم جرى تغييره لاحقاً عندما قرر غوردون باشا حاكم عام السودان في عام 1884 م أن يكون مسكنه في الطابق الثاني وأن ينقل مكتبه إلى الطابق الأول. وفي عهد الحكم الثنائي تم تخصيص الطابق الأرضي لمكاتب الإدارة، والطابق الأول للكنيسة الإنجليزية والثالث لمكتب الحاكم العام.
اما المكاتب الرئيسية وكانت تشمل مكتب رئيس الدولة ومكتب نائب رئيس الدولة ومكاتب المساعدين والسكرتارية.
كان المقر الرسمي لمكتب رئيس جمهورية السودان الحالي، وكان السير لي استاك، حاكم عام السودان (1916 – 1924 م) قد قام بنقل مكتبه في سنة 1925 م من المكان الذي أصبح الآن قاعة للاجتماعات. وحذا حذوه حكام عام السودان اللاحقين، وبعد الاستقلال في عام 1956 م، صار مكتب الحاكم العام مكتباً لرئيس الدولة فتعاقب عليه كل من الرؤساء إسماعيل الأزهري وإبراهيم عبود وجعفر النميري، وعبد الرحمن سوار الذهب، وأحمد الميرغني، وعمر البشير. واخير الجنرال عبد الفتاح البرهان
وكان مكتب نائب رئيس الدولة يقع في الطابق الأرضي في العهد التركي مخصصاً للمساعدين المعاونين للحكمدار. وقد تم تشييد درجاً حلزونياً في الجهةُ الشرقية ليربطه بمكتب الحاكم العام في الطابق الأول وبعد الاستقلال خصص المكتب لأحد أعضاء مجلس السيادة، ثم تحول فيما بعد إلى مكتب لنائب الرئيس.
اماىقاعة الإستقبال تعتبر واحدة من أقدم أقسام القصر التي شيدت عند تشييد القصر في سنة 1832 م قبل أن تدخل على مبناها إصلاحات عديدة وتغييرات عدة في ديكورها الداخلي. كانت تستخدم في الماضي كقاعة للاحتفالات التي كان يقيمها الحاكم العام البريطاني في الفترة ما بين 1900 و1955 م، إلى جانب استخدامها كقاعة للرقص. وبعد الاستقلال تحولت القاعة التي أصبحت تعرف باسم «الصالون الرئاسي» كانت تستخدم في استقبال ضيوف رئيس الدولة، وتُجري فيها مراسم تقديم أوراق اعتماد سفراء الدول لرئيس الدولة قبل التحول للقصر الرئاسي الجديد.
فيما تم تحويل قاعة الإجتماعات القاعة بعد إعادة بناء القصر في عام 1900 م إلى مقر للعبادة في شكل كنيسة إنجليزية صغيرة داخل القصر وعندما تم تشييد كنيسة كبيرة في الجزء الشرقي من حديقة القصر، قام السير ونجت باشا حاكم عام السودان (1901- 1916م.) بنقل المكتب الرئاسي إليها وبنى الدرج الحلزوني الذي يربط المكتب الرئاسي بمكتب السكرتارية في الطابق الأرضي. وفي عهد السير لي استاك حاكم عام السودان (1916 – 1924 م) تم نقل مكتب الحاكم العام من القاعة إلي مكتب رئيس الجمهورية الحالي وتحويل القاعة إلى قاعة اجتماعات وهي الوظيفة التي تؤديها حتى اللحظة.
يشكل متحف القصر جزء من القصر الجمهوري ليس فقط بسبب موقعه وبنايته الواقعة داخل سور القصر في الجزء الجنوبي الشرقي منه المطل على شارع الجامعة وفي مبنى كان في يوم من الأيام كنيسة تابعة للقصر، بل من ناحية مقتنياته ومعروضاته التي تشمل مركبات وسيارات رئاسية كان يستخدمها حكام السودان ورؤساؤه السابقين في تنقلاتهم الرسمية منذ الحكم الثنائي (1889) وحتى الاستقلال (1956) ولوحات زيتية وصور فوتوغرافية لهم إلى جانب الهدايا الرئاسية التي أهديت لهم والآلات الموسيقية والأوانى وقطع الأثاثات التي كانت تستخدم داخل القصر الجمهوري في الحقب السابقة وغيرها من الأشياء الأثرية والتذكارية ذات الصلة بالقصر وسكانه السابقون. ويعتبر مبنى الكاتدرائية الذي تعرض فيه مجموعات المتحف في حد ذاته اثرا تاريخياً يمثل العمارة البيزنطية من خلال برج أجراسه (تمت إزالته) وقد شيد في سنة 1912 م. تم افتتاح المتحف رسمياً في عام 1999 م، وهو مفتوح للجمهور.
خروج اخير
كان لسلاح المهتدسين ( تكساس ) شرف تبديل آحر حرس جمهوري انجليزي للقصر،بحرس وطني من الجيش السوداني ، وكان تبديل الحرس ايذانا ببداية استقلال السودان ۔