رأي
سفر القوافي محمد عبد الله يعقوب محمود عبدالعزيز .. يوسف القديل .. بعدكما سقطت الاقنعة !!

سفر القوافي
محمد عبد الله يعقوب
محمود عبدالعزيز .. يوسف القديل .. بعدكما سقطت الاقنعة !!
يقال ان التاجر اذا اصابه (الفلس) , رجع يقلب في دفاتره القديمة عله يجد دينا منسيا له لدى احد الوجهاء فيطالبه به لتستمر معه مسيرة حياته العملية , وهذا حالنا في الغناء سادتي فقد ادركنا الافلاس الفني الكبير
فدعونا نقلب في دفاتر الماضي القريب المبهجة علنا نروي
عطش انفسنا من رحيق الاغنيات الذهبية التي فقدت حاديها الذي رحل في صمت ومرت ذكراه العطرة كعبق نسائم الخريف القادم في بلادنا هذه الايام .
فالمطرب الراحل محمود عبد العزيز تربع على عرش الغناء لعقدين من الزمان، انتزع خلالها لقب (مطرب الجماهير) ، وادرك كل متوثب للانقضاض عليه خلالها أن (الحوت) يظل كبيراً وتخافه حتى الديناصورات.
علماء الموسيقى قالوا إن هذا المدهش تمتع بمقومات صوتية فريدة لذلك استطاع أن (يمسّخ) أي أغنية ليست له قام بأدائها، فهو لا يُقلِّد ولكنه يُقلَّد على الدوام، فهناك عشرات النسخ المشوهة منه، لأن جموع الشباب تحب أن تسمعه، والجميلات يحببن صوته القوي، إذ ما عادت نعومة الصوت تقنع سودانية أصيلة برجل يغني.
لقد تملكتني الدهشة وأنا أحصي عدد الأغنيات التي قدمها محمود، الخاصة منها والحقيبة والإخوانيات، فوجدت من المعجبين من يترصد لكل سكناته وحركاته ويجود بها بلا ثمن على الشبكة العنكبوتية، ويا له من حب (تقني) جارف. غير أولئك الذين يمارسون التصرفات المجنونة لإظهار إعجابهم بهذا (الحوت).
ففي عينيه براءة الأطفال، وفي صوته عنفوان الرجولة، وفيهما يكمن التطريب، ولا عجب.
محمود غنى الحقيبة وردد (يمة ازازا.. أخدت نظرة من قصاد الطاقة) فعشقها الجميع حتى أن مطربة إثيوبية تتغنى بها عبر قناة بلادها الرسمية وتتفاعل معها ليس بطريقة الحقيبة ولكن (بالطريقة المحمودية) إن جازت العبارة.
وعندما نتحدث عن (ابن عبد العزيز) يجب أن نذكر الملحن القدير الراحل يوسف القديل، الذي قدم لهذا المطرب أكثر من ثلاثين أغنية في ثنائية رفعت من رصيدهما معاً وجميع الملحنين الذين تغنى لهم محمود، فهو كالقطار لا يقف في محطة لحنية واحدة بل يجوب كل السودان ليرضي جميع الأذواق.
ويبدو هذا جلياً في أغنياته، فقد أرضى جميع أهل السودان وكان أول مطرب حديث يتناول الأغنية الكردفانية التي ظلت لعقود قصرا علي مطربي كردفان من الجهابزة عبدالقادر سالم , عبدالرحمن عبدالله وابراهيم موسى ابا وغيرهم ,فيتبعه كل أبناء جيله من المطربين، بل يصرون على الشعراء والملحنين أن يوفروا لهم هذا النوع من الغناء، ولم يدروا
أن الموهبة لا تكتسب ولا تورث ولا تشترى ولا تباع فهي
هبة إلهية، فهذا المطرب برع حتى في مدح سيد الأنام المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، فأجاد، وجعل كل مادح يعود ليراجع أدواته.رحمك الله أخي محمود عبد العزيز فأنت حادي السودان الأول بعد جيل الرواد الذين نكن لهم جل التقدير والاحترام وستظل كذلك لسنوات قادمات لأن الساحة اخي محمود -وانت في رحاب ربك- لاتعرف الان الا (فارغ ) الغناء وسخيفه وخرج جيل من المغنين تخصصوا في اداء اعمال الغير والتكسب بها والرواد اعتراهم الرهق والمرض وقلة الحيلة , وغابت عن الخرطوم التي عشقتها وعشقك شبابها ,الحفلات الجماهيرية التي كنت تقيمها في الاستادادت لا في الصالات الضيقة والبرامج التلفزيونية الفطيرة وحفلات الاعراس .والان الشباب بلا هادي ولادليل فني فالكل فلفل شعره وامسك بالمايك ويحاول ان يكون نسخة من الاصل ولكن هيهات .
ابا الفقير بلباص كمل قريشاتي
دخني بالبخرات ومحايتا شربني
قال في الكتاب مكتوب بعد الخواتم شئ
قلب الغزالة ام زين لي قلبي مابمشي
ياغزال القوز فوق الرهيد ارتع
بشكيك لرب الكون الفي العيون ابدع
خروج أخير
كان الموسيقار الراحل يوسف القديل صديقا ودودا ، وكان مبدعا يحترم موسيقاه ولايجامل ابدا بألحانه، العديد من مغامري الغناء من الناشئة وجدتهم عنده يطلبون المدد ولكنه كان قويا ومقنعا يقول لكل مدع للغناء ( حاول ان تجد نفسك في هواية أخرى غير الغناء فأنت لست بمغني وما قدمته أمامي الآن ما هو إلا تسميع لأناشيد مدرسية ) ،، الارحم الله الموسيقار القديل والكروان محمود عبد العزيز .