رأي
أعلي المنصة ياسر الفادني الرزيقات… أليس فيكم رشيد؟
أعلي المنصة
ياسر الفادني
الرزيقات… أليس فيكم رشيد؟
من يقرأ مشهد الحرب بتمعّن ويفكك خيوطه بوعيٍ وبصيرة، يدرك أن أكثر قبيلة خُدعت وانساقت خلف سراب المليشيا ووعود دولة الكفيل هي الرزيقات، عشرات الآلاف من أبنائهم زُجّ بهم إلى المحرقة: منهم من هلك، ومنهم من بُترت أطرافه، ومنهم من يقاسي إصاباتٍ بالغة ستظل ندوبها تروي حكاية الخديعة الكبرى
في البداية، فشل عقلاء القبيلة في كبح جماح هذا الانزلاق لأسبابٍ واضحة، السبب الأول: التبعية العمياء لقيادات زينت لهم الوهم بأن السيطرة على الدولة باتت قاب قوسين أو أدنى، فابتلعوا الطُعم كما أراد لهم آل دقلو، والسبب الثاني: اغترار الناظر وإدمانه على إشعال الفتنة، حتى إذا تكشفت الحقيقة وجد نفسه قد سيق إلى الهاوية، لا مفر له سوى تصريحاتٍ باهتة لا تمحو الدماء ولا ترد الأرواح
ثم جاءت فتنة المال الذي أغدقته دويلة الشر وقيادات المليشيا بسخاءٍ على القبيلة، حتى فُتِنوا به وأُغروا بالتفوق على غيرهم من القبائل، لكن النتيجة كانت عكسية: شرخ إجتماعي عميق، واشتباكات دامية مع قبائل أخرى، خصوصًا في نيالا، لتنكشف زيف الامتيازات المزعومة
لا ننكر أن في الرزيقات رجالاً نأوا بأنفسهم عن هذه المهزلة منذ بدايتها، آثروا الحياد أو الصمت، لكن صمتهم اليوم صار جريمة صامتة ، حان الوقت ليكسر العقلاء قيود التبعية، ويجمعوا صفوفهم في جسمٍ موحد يعلن بوضوح: كفى دماء، كفى خداعًا ، على هؤلاء أن يزيحوا العصبية الضيقة جانبًا، ويتخلوا عن عبادة الناظر ودوائر المصالح الضيقة، وأن يضعوا السلاح ويسلموا أمرهم للوطن
تصريح الناظر الأخير بأن عبد الرحيم دقلو يريد “إعدام القبيلة طفّاي النار” جاء متأخرًا، بلا وزن ولا كاريزما، لأن الحقيقة المرّة أن نفوذه إنهار أمام شعبه، لم يعد لأوهام السيطرة معنى، ولم يعد لوعود المليشيا سوى رائحة الرماد
ليعلم الجميع، والرزيقات أولهم: هذه البلاد لن يحكمها أحد برمحٍ أو مالٍ مسموم، ولن تبنى دولة على جثث الأبرياء، من يظن أن السودان سيسقط في يد قبيلة مهما عظُم عددها، يقرأ التاريخ بجهل ويكتب مستقبله بالدم.
الرزيقات… أليس فيكم رشيد ؟ .


