رأي

من أعلي المنصة ياسر الفادني لا تتكحلوا بالشطة

من أعلي المنصة
ياسر افادني
لا تتكحلوا بالشطة !!

العدو لا يزال هناك… في دارفور وكردفان، يستعرض عضلاته ويهاجم، ويتلقى دعمه اللوجستي من دويلة الشر عبر طرق ملتوية كالثعابين، بينما نغرق نحن في دوامات التفاصيل الهامشية ونزاعات الظل، نلاحق الفرع وننسى الأصل، ونتعامل مع معركة الكرامة كأنها نقاش تلفزيوني، لا كفاح وجودي

الإعلام الذي كان ينبغي أن يكون سلاحًا، تحول في بعض أوجهه إلى عبء، إلى حالة من الهذيان اللفظي، إلى وهم السبق الصحفي المبني على إشاعات لم تُثبَت، وسرعة في الحكم قبل أن تنطق الجهات الرسمية بكلمة، هذا الانحراف يضعف الجبهة لا بقصد الخيانة، بل بجهل فادح، وبغرور زائف يظن أن زينة الكلمة أهم من نُبل الموقف، وهكذا، وبينما العدو يخطط لهجمات جديدة، نحن نزرع العثرات أمام خطواتنا، ونكتب بأنفسنا روايات التشرذم والتباين، ثم نتساءل لمَ لا ننتصر؟!

إن اللعب على حبال البروباغندا، وتغذية الخلافات الصغيرة، وتكبير الهوامش حتى تبتلع المتن، كل ذلك يصب في مصلحة العدو، ويمنحه راحة زمنية يعيد فيها تنظيم نفسه، في وقت كهذا، الانضباط في الكلمة ليس رفاهية، بل واجب وطني، والصمت أحيانًا أشرف من تحليلات تثير الغبار في ميدان المعركة، وتحجب الرؤية عن المقاتل، وتجعله يخطئ الهدف

الكحل زينة العقلاء… أما من يتكحل بالشطة، فيحرق عينيه ويظن أنه يتجمل!
هذا ليس وقت الاستعراضات الإعلامية، ولا الاجتهادات المتهورة، ولا العنتريات المفرغة من المعنى، هذه لحظة الكرامة، لحظة أن نعض على وحدتنا بالنواجذ، أن نصون صفنا من الشقوق، أن نوجه كل تركيزنا نحو العدو الحقيقي، لا نحو بعضنا البعض

إني من منصتي أنظر …حيث أقول… : من أراد الزينة، فليبحث عنها في غير ساحات القتال، ومن أراد النصر، فليعرف أن الكلمة كالرصاصة إما أن تُصيب العدو، أو تُصيبنا في مقتل.

مقالات ذات صلة

إغلاق