رأي

من أعلي المنصة ياسر الفادني قرع طبول الحرب من جديد بين أسمرا وأديس أبابا

من أعلي المنصة
ياسر الفادني

قرع طبول الحرب من جديد بين أسمرا وأديس أبابا

بين صمتٍ حذر وتراشقٍ بالاتهامات، تتصاعد وتيرة التوتر بين إريتريا وإثيوبيا وسط مؤشرات تنذر باقتراب مواجهة جديدة، قد تفتح أبواب الجحيم في منطقة لم تلملم بعد جراحها من حرب تيغراي

الرئيس الإريتري إساياس أفورقي، في تصريحاته الأخيرة، أطلق رسائل تحذير صريحة موجهة لأديس أبابا، متوعدًا بالرد الحاسم حال التفكير في تصعيد عسكري، إريتريا ترى في إثيوبيا طرفًا مأزومًا يحاول تصدير أزماته الداخلية عبر افتعال نزاع خارجي، خاصة بعد تعثر مشروع “الوصول إلى البحر” الذي روّج له رئيس الوزراء آبي أحمد، واعتبرته أسمرا ذريعة لتبرير تدخل إثيوبي محتمَل

على الأرض، الواقع يزداد توترًا، تقارير استخباراتية تشير إلى تحركات عسكرية مكثفة من الجانبين على طول الحدود، مع وجود وحدات إريترية يُعتقد أنها توغلت داخل الأراضي الإثيوبية وفي المقابل، دفعت أديس أبابا بتعزيزات عسكرية نحو الجبهة الشمالية، متذرعة بالحفاظ على “السيادة الوطنية”

لكن الأزمة لا تنفصل عن التعقيدات المتشابكة في إقليم تيغراي، الذي يعيش بدوره على وقع انقسام داخلي عميق بين جناحين متصارعين داخل جبهة تحرير تيغراي (TPLF)، هذا الانقسام، الذي انفجر منذ أواخر 2024، أتاح لإريتريا فرصة العودة إلى العمق التيغراوي، عبر تحالف محتمل مع بعض قادة الفصيل الراديكالي المناهض لحكومة آبي أحمد، وهو ما تراه إثيوبيا تهديدًا مباشرًا لوحدتها، وتتهم أسمرا بالضلوع في تمويل وتسليح فصائل مسلحة في إقليمي أمهرة وتيغراي

المجتمع الدولي يراقب عن كثب دون تحرك فعلي، رغم التحذيرات المتكررة من أن اتفاق بريتوريا للسلام، الموقع في 2022، ينهار عمليًا مع كل يوم يمر دون انسحاب إريتري من المناطق التيغراوية أو التزام إثيوبيا ببنوده ، وفي خضم هذا، تتسرب تقارير مروعة عن استمرار الانتهاكات ضد المدنيين، من اغتصاب جماعي إلى تعذيب ممنهج، ما يثير المخاوف من تكرار الفظائع التي رافقت الحرب السابقة

إني من منصتي انظر ….حيث اتوقع وفق قراءة المشهد الحالي ليس انفجارًا فورياً، بل تصعيداً تدريجياً تقوده الأطراف نحو حافة الهاوية، ثم تُفتح نافذة لمساومات سياسية إذا ما تدخلت قوى دولية مؤثرة، أما إن استمر التوتر بلا رادع، فإن قرع طبول الحرب هذه المرة قد لا يكون مجرد تهويش، بل إيذاناً بجولة أكثر دموية، وأكثر تعقيداً.

مقالات ذات صلة

إغلاق