رأي

من أعلي المنصة ياسر الفادني من فتحة التاريخ خرج هذا القيء !

من أعلي المنصة

ياسر الفادني

من فتحة التاريخ خرج هذا القيء !

ما دخلت المليشيا أرضًا إلا دنّستها تمامًا، وجعلت من عِزّة أهلها ذلًا مقيمًا، تحت مظلة “الإدارة المدنية” التي يختارونها بعشوائية الجهلة، ويدافعون عنها بجهالة القرون الوسطى
إنها مدنية لا تعرف من الإدارة إلا إسمها، ولا من التنظيم إلا صورة شعارها على بوسترات ممزقة،
يسمونها “مدنية”… وهي في حقيقتها بطشٌ مغطى بكرافتة، وظلمٌ يطل من خلف لافتة

الإدارة المدنية كعلم كتب فيها العلماء مجلدات، وتأملت فيها العقول النيرة، ووُضعت فيها أسس القيادة والحوكمة والمسؤولية…
أما هؤلاء، فقد جعلوها مطية للنهب، ومنصةً للجباية، ومدخلًا للفجور في الخصومة

كل الإدارات المدنية التي جاؤوا بها من قبل، كانت مسرحًا للهزل الرديء، كوميديا سوداء يؤديها مجموعة مهرجين يرتدون البدلات ويتحدثون بلغة لا تشبه الواقع،
وحين تطهرت مدني من رجسهم، هرب رؤوسهم كما تهرب الفئران حين يُغمر الجُحر

أثروا في أشهر ما لا يُثريه الشرفاء في دهر،
تركوا خلفهم تاريخًا من الفضائح، وسيرًا ذاتية تصلح للضحك المرّ،
وباتوا اليوم مادةً للسخرية… حتى عند أصدقائهم

كنا نقرأ في التاريخ عن العصر الجاهلي، عصرٌ غليظ القلب، يأكل القوي فيه الضعيف، بلا مواثيق ولا دساتير،
لكن على الأقل، كان له طابعه الرجولي، وسمته الحربي، وله تسميته الصريحة التي احترمها التاريخ
أما هؤلاء، فقد تقايأهم التاريخ في صفحة معطوبة، لا تعرف من الجاهلية إلا القبح، ولا من الحداثة إلا التوقيع في مؤتمرات الهوان

تحالف راعي الحمير مع صاحب الكسكتة النجسة التي باتت مستراحًا للشيطان، يتبول فيها كيف شاء ويقضي حاجته، هو أسوأ تجسيدٍ لهذا الزمان المقلوب

لقد عاد العصر الجاهلي،
لكن بثياب ممزقة،
وبكلمات إنجليزية ركيكة،
وبعقول خائبة تظن نفسها “مدنية”،
وهي أقرب إلى جنون البداوة منه إلى تحضر المدينة

فيا تُرى،
إن كان التاريخ قد سمّى أجدادهم “الجاهليين”،
فبأي اسم سيسمّي هؤلاء؟
وأي مسمّى يحميهم من سخرية الأجيال القادمة؟.

مقالات ذات صلة

إغلاق