رأي
من أعلى المنصة ياسر الفادني ضربة معلم !

من أعلى المنصة
ياسر الفادني
ضربة معلم !
ما جرى من عمليات نوعية نفذتها القوات المسلحة في محوري كردفان والفاشر، ومن خلال تحييد مراكز التشويش والقضاء على الفنيين الأجانب الذين استجلبتهم المليشيا لتشغيل منصات عالية الدقة، يُعرَف في العلم العسكري بمفهوم “شل القدرات القتالية” أو ما يسمى بـ Neutralization of Combat Effectiveness. هذا المفهوم لا يرتكز فقط على تدمير الأهداف المباشرة، بل على ضرب العصب الذي تعتمد عليه القوة المعادية في الاستمرار، سواء أكان ذلك قيادة ميدانية، أو منظومات دعم تقني، أو خطوط تدريب وإمداد
في سياق الحرب الحديثة، الأثر الاستراتيجي لهذه العمليات يتجاوز حدود الميدان المباشر، إذ يؤدي إلى إنهيار منظومة السيطرة والتحكم داخل المليشيا، ويُفقدها القدرة على تنسيق الهجمات أو إدارة العمليات المعقدة، خصوصاً عندما تتلقى الضربة في العقل واليد معاً… القيادة التي تصدر القرار، والتقنيات التي تنفذه
قصف معسكرات التدريب والقضاء على المرتزقة المحليين والأجانب يعني تجفيف المورد البشري المقاتل، وهو ما يُعرف عسكرياً بـ حرمان العدو من القدرة على التعويض، فالمليشيا لا تفقد مقاتلين فقط، بل تفقد الخبرة التي يصعب إستبدالها في زمن قصير، خصوصاً إذا كانت مرتبطة بخبراء أجانب وفنيين متخصصين
إجمالاً، هذه الضربات لا تُقاس بحجم الخسائر البشرية والمادية المباشرة، بل بقدرتها على إحداث فراغ عملياتي يشل المليشيا، ويُدخلها في حالة من التخبط الاستراتيجي وفقدان التوازن، من هنا يصبح أثرها مضاعفاً: تراجع فعالية العدو، وارتفاع معنويات القوات المسلحة ، وتعزيز الثقة بأن المعركة تمضي نحو نقطة التحول الكبرى
إني من منصتي أنظر …. حيث أري … أن هذا النوع من الحسم العسكري هو ما يشكل الفارق في الحروب طويلة النفس: ضربة تستهدف الجذر لا الغصن، العصب لا الأطراف، فتسقط القوة المتمردة قبل أن تعي أنها فقدت القدرة على النهوض.


