رأي
سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب عشرة ونسة مدهشة مع بائعة (( دلكة وخمرة )) وعطور نسائية !!

سفر القوافي
محمد عبدالله يعقوب
عشرة ونسة مدهشة مع بائعة (( دلكة وخمرة )) وعطور نسائية !!
المرأة السودانية .. عنوان كبير لبحث متعدد المجلدات ربما تفوق تلك التي تقبع في أرفف مكتبة الكونغرس الامريكي بكاملها .. المرأة السودانية تاريخ طويل في شتى ضروب الحياة ، فحياتها لاتشبه مثيلاتها في العالم ’ فقد اكتسبت الخصوصية والتفرد ’ فلبسها معروف باسمها ( الثوب السوداني ) وغذائها كذلك ( الكسرة والعصيدة والقراصة والملاحات السودانية ) وأرقى وأجمل وأثمن مالديها نظافتها وعطرها الخاص ( الخُمرة والدلكة والعجنة والدخان والكبريت و….) وقائمة طويلة لم يستطع علماء الكيمياء في العالم حتى يومنا هذا من فك رموزها وتراكيبها وعلاقتها بقوة فحولة الزوج وقوة انوثة المرأة السودانية الجميلة العطرة واللدنة في كل الاوقات والمواسم .
دخلت سوق الحريم بسوق ليبيا قبيل الحرب بأسبوع واحد ، والتقيت بالحاجة حليمة عبدالله اقدم صانعة وبائعة للعطور النسائية السودانية بالسوق ، للوقوف على جدلية التفرد الانثوي السوداني واخذ بعض النصائح لفتيات الالفية الثالثة اللائي اعتمدن مستحضرات التجميل المستوردة من وراء البحار متكأ لجمالهن وتنازلن من ارث الحبوبات الذي صنع أبطال كرري وشيكان وقوة دفاع السودان في السابق كانت هذه الدردشة العجيبة، فقلت مباغتا:
* حاجة حليمة حدثينا بإسهاب عن كل الموجود أمامك من عطور ومستحضرات تجميل نسائية ؟
– قالت : لديّ العديد من أنواع العطور السودانية فهذه تسمى الخُمرة – بضم الخاء وتسكين الميم وفتح الراء – ومنها أنواع عديدة كما ترى ’ خُمرة الضفرة والمحلب والمسك والفواكه من برتقال ونعناع وتفاح وفراولة، ثانياً الدلكة ومنها دلكة العروس ودلكة المحلب ثم الدلكة العادية، أما البخور فله لستة طويلة هي بخور الصندل’ بخور العودية ’ بخور الدرود ’ بخور المثنى ’ بخور العنقر وهناك بخورات خاصة بنساء الظار من جاولي وعدني ومسبع ومشكل وهذه لها خصوصيتها ولاتستخدمها كل النساء .
* قلت : متى بدأتي بتركيب العطور البلدية وكيف ؟
– قالت: والدتي علمتني وأمها علمتها وهكذا تستمر الحكاية وليس كل امرأة تجيد هذه الصناعة إلا إذا شاء الله أن تكون والدتها قد أخذتها عن جدتها وإلا فلا يمكن لفتاة بالغة أو متزوجة أن تبدأ من الصفر وقبل ذلك الرغبة الاكيدة والرأس الفاتح للمعرفة وأيضاً المقدرة على معرفة المقادير فهي ليست معلومة أو مكتوبة أو مصدقة من الجهات الرسمية فليس لدينا لتر أو نصف لتر وليس لدينا كيلو أو رطل أو أي مقياس أو معبار متعارف عليه دولياً ولكننا نستخدم معيارنا النفسي الداخلي ليخرج العطر أو البخور أو الدلكة أو الخُمرة بدرجة ( مدوخ وسالب للعقول ) وحتى نصل الى هذه المرحلة فإن السنوات ستمضي وأنا أعمل في هذه المهنة لأكثر من 25 عاماً ولا أزال أخاف جداً من بعض التراكيب ولا ارتاح إلا بعد أن آخذ رأياً نسائياً متمكناً عقب الانتها ء .
* قلت : هل مدخلات الإنتاج في متناول اليد ؟
– قالت : لا ليست كذلك بل هي غالية جداً فنحن نستخدم العطور الفرنسية الاصلية ودونها لن تكون هناك خُمرة أو دلكة ( تسطل الراجل ) وتجعله أسير زوجته حتى يفارق الحياة لذلك نحرص على الاصلي وزبوناتي يدفعن دائماً وأنا ضد الطلاق بسبب ( النقيصة في الزوجة ) ولا ارضى أن يقول المطلق لأهل المطلقة ( والله بتكم دي معفنة وريحة زي الناس ماعندها وأنا قنعت منها بعد سبع سنوات وتاني ما بضحي بي عمري )، وأردفت ( مافي مرة شينة ولا ضعيفة ولاسمينة ولابيضا ولا زرقة لكن في مرة جسمها مهمل والنسوان بسمنها المعفنة ) .
* قلت : ولكن زوجات الالفية الثالثة يتعللن بالوظيفة ومشاغل البيت والاولاد ولايفكرن في بضاعتك هذه ويكتفين بمزيل العرق ؟
– قالت : هذه كارثة كبرى ، وزادت ( الاولاد ديل جو من وين مش من الراجل والبيت حق منو وهي ذاتها ربنا بسألها من زوجها ما من شغلها ) وضحكت وصفقت يديها وأضافت ( بنات الزمن ده مطرطشات وحات الله .. هو رجال مافي وعرس مافي وكت الواحدة بي شعيراتها التلاتة ديل لقت ليها راجل كامل تستخسر فوقو الخُمرة الشممتها ليهو امو وكت مرقتو من بطنها والله ما عندهن فهم ) ومضت ( عشان كده أي موظفة تجينا تبكي بعد ما الفأس يقع في الرأس وتقول عرس فيني ياخالتي عايزاكي تديني خمرة قوية تخليهو يطلقها ويرجع لي براي ) .
* قلت : حاجة حليمة هل هناك رجال يبتاعون منك الخُمرة لزوجاتهم ؟
– قلت : أبداً مافي راجل عاقل بشتري لي مرتو الحاجات دي الا تجي براها لكن ممكن يشتري ليها المكونات من صندل ومحلب وصندلية ومجموع وريف دور وقلمور وسواردي باريس وكافن كافن وبت السودان وباقي الحاجات عشان تعملها براها في البيت .
* قلت : وهل تستطيع إذا توفرت هذه المكونات ؟
– قالت : في أغلب الأحيان بتكون ريحة نية وتصاب بالعفن بعد اسبوع وكما قلت لك سابقاً فإن المسألة ليست سهلة .
* قلت : يعني الرجال لايأخذون منك الجاهز ابداً ؟
– قالت : والله في رجال بيجو لكن شكلهم من ناس الظار والسحر والحاجات دي ، وأنا ما بحسبهم مع الرجال .
* قلت : الفتيات يستخدمن الكريمات وأصبحن كلهن بيضاوات ؟
– قالت : الكريمات سيئة ونتائجها معروفة في الشارع وهناك بنات احترقت وجوههن بسببها وليس هناك أفضل من الكركار للشعر والعجنة للجسم واللون الطبيعي للبشرة وهذه هبة الله وربنا قال ( في اختلاف السنتكم والوانكم ) يعني ماغالبو يخلقن كلهن بي لون واحد زي الصينيات ولله في خلقه شؤون والبغير خلقة الله ما مؤمن عديل كده .
* قلت : نصيحة منك لبناتك المتزوجات قديماً وحديثاً ؟
– قالت : نصيحتي واحدة وهي : يابناتي الراجل نخرتو وبطنو وبعداك ببقى ليك طايع وحبيب ولو فرطي ما تبكي وغيرك البلد مليانة بنات دايرات السترة ومهما قريتي واتعلمتي ياكي مرت راجل واحد وهو الله حلل ليهو اربعة ولو كان أمي ما بفك الخط والنخرة قبال البطن عشان تسعدي في حياتك .
خروج أخير
لعل إفادات الحاجة حليمة قوية وواضحة بل هي أفضل من إفادات اكبر اختصاصي النفس ، ونرجو من وزارة الرعاية الاجتماعية الاستفادة من صاحبات الخبرة في الحياة العامة مثل هذه الحاجة التي تحافظ على الموروث الثقافي للبلد وتنصح المتزوجات لتقليل حالات الطلاق وتشرد الأسر .



