رأي

سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب أعيدوا تراثنا المادي المنهوب .. وخصصوا مليار دولار للسياحة

سفر القوافي
محمد عبدالله يعقوب
أعيدوا تراثنا المادي المنهوب .. وخصصوا مليار دولار للسياحة !!
ظل أهل الثقافة ينادون بأهمية التراث القومي ، بل مضوا الى أبعد من ذلك حين جعلوه المكون الأساسي للهوية السودانية ، ولكن ماهو التراث ؟ وكيف يمكننا الإستفادة منه ؟
يعرف التراث بأنه ماورثناه من الاجداد من تراث مادي وغير مادي ، بل يعتبر التراث خلاصة ما خلفته أجيالنا السابقة للأجيال الحالية واللاحقة ، ومن الناحية العلمية يعرف بأنه علم ثقافي قائم بذاته يختص بقطاع محدد في الثقافة التقليدية أو الشعبية ويلقي الضوء عليها من الزاوية التاريخية والجغرافية والنفسية و يعبر عن عادات الناس وتقالديهم وما يعبرون عنه من آراء وافكار من ومشاعر يتناقلونها أبا عن جد .
ولكن البروفيسر قربة نميري جموع في إفادات سابقة قبل سنوات ، يرى أن التراث هو تعبير وتأكيد للخصوصية ، كما يعبر عن ادماج وقبول الآخر وبث قيم المودة ، مبينا ان التراث السوداني مميز وفيه اثراء للحضارة السودانية العملاقة ويجسد الأمن السياسي والثقافي والاجتماعي .
فيما يقول الدكتور يس مزقول إسماعيل أن أهمية التراث تكمن في أنه يعطي أي شعب من الشعوب هويته الخاصة التي تميزه عن الشعوب الاخرى ، والتي بدورها تضع الشعب في مصاف الشعوب التاريخية التي لها تاريخ عريق تحتفي به ، مشيرا الى مساهمته الكبيرة في تراكم المعرفة وانه المحدد الاول والأخير لثقافة شعب من الشعوب فضلا عن انه أساس الحضارة الإنسانية ، وأن العديد من الأمم تعد في المقدمة عالميا لإحتفاظها بتراثها الأصيل ، ويمضي الدكتور يس بقوله إن من (يخجلون) من تراثهم ويودون دثره هو بمثابة الإنسلاخ من الجلد وانه بمجرد ان ينسلخ الانسان من جلده فانه لن يكون قادرا على أن يرتدي جلدا آخر ، مما يتسبب في وفاته ، مؤكدا ان لكل امة تراث وآثار وإن (الأمة الحية ) هي التي تعتز بتراثها وآثارها على إعتبار أن ذلك التراث وتلك الآثار هي جزء أساسي من مكونات تاريخها وحضارتها وهويتها ، فهي وثيقة عهد وميثاق بين الأجيال السالفة والحالية والقادمة وهي أيضا همزة الوصل بين الاجداد والآباء والأبناء والأحفاد .
إذن خبراء الآثار يعون ما يقولولون به حول آثارنا التاريخية وتراثنا المدي وغير المادي ، ويؤكدون على أهمية الحفاظ عليه من السرقات والبيع العشوائي والإتلاف المقصود من بعض ضعاف النفوس في مناطق التنقيب الأهلي عن الذهب واخيرا تطاير تراثنا الى ماوراء البحار عقب إندلآع هذه الحرب المشؤومة في بلادنا منذ سنوات ثلاث ومازال أوارها مشتعلا في ولايات دارفور وكردفان ، فسرق اللصوص متحافنا وإرثنا التليد وهربوه الى أي مكان في العالم وتلك مصيبتنا الكبرى إن لم نعمل على إستعادة تراثنا المادي عاجلا .
فلو أن هؤلاء اللصوص قد وجدوا ثمثالا ذهبيا من عهد مملكة كوش لجدنا تهارقا أو بعانخي في المتحف القومي بالخرطوم ، لقاموا بصهره وبيعه لحملولته (وزنا) من الذهب ، علما بأن قيمته التاريخية لاتقدر بذهب الأرض كله ، والآثار والتراث عموما يمكن يكون متوارثا في رقصة شعبية أو أغنية تراثية قديمة أو مبان أثرية مازال الناس يقيمون فيها كآثار سواكن مثلا ، فيجب أن نحافظ عليها بالترميم وليس بالإزالة ، ويكفي أن أسلافنا قد تركوا لنا تراثا وتاريخا وآثارا نفخر بها ، بينما أكبر دولة على وجه الأرض قوة ومعمارا وتقنية وعلما وهي الولايات المتحدة الأمريكية ( قايمة بروس ) وليس لها تاريخ يزيد عن الأربعمائة عام لأن سكانها الأصليين هم الهنود الحمر وقام الكابوي الغاصب للأرض بإبادتهم تماما قبل أكثر من ثلاثمائة عام وتم تزويب من تبقى منهم في المجتمع الأمريكي المجوغل من كل شعوب العالم فضاعوا في هذا الخضم من البشر وضاع تراثهم ومقتنياتهم ولم يبق منها إلا التسميات المسروقة مثل الفأس الهندي الأحمر الشهير ( توماهوك ) فجعل منه الرجل الأبيض صاروخا مدمرا وقبيلة الأباتشي أضحت سمتية ( هيلكوبتر ) وهكذا ظنا من رؤساء أمريكا وقادتها المتعاقبون أنهم يحافظون عللى التراث الأمريكي المسروق من قبائل الهنود الحمر أصحاب الأرض ، ولكنهم على إستحياء يقولون للعالم ( هذا جزء من تاريخ الولايات المتحدة الضارب في القدم ) وبالطبع هم كاذبون .
خروج أول
لن ينصلح حال السياحة السودانية مالم تنفق الدولة من خزينتها الفارغة قبل الحرب وبعدها أضحت ( كلالة) – كما يقول يقول عرب كردفان – فعليها أن تعتمد مالا جزيلا أقله مليار دولار لإعادة تأهيل المتاحف الولائية قبل المتحف القومي واضافة مبان خدمية ( فنادق – استراحات – منتجعات ) لكل المناطق السياحية بولايات البلاد قاطبة ، وتعبيد الطرق المؤدية اليها في يسر وراحة ، فإن السائح القادم يحمل معه عملاته الصعبة بحثا عن التراث والآثار والإدهاش والراحة والإستجمام كلها في منظومة واحدة ، ولن يدفع دولارا واحدا دونها بل سيتجاوز بلادنا الى أقرب ملهى ليلي أوماخور متعة في أثيوبيا او كينيا او في اي بلد مجاور لنا على وجه السرعة .
خروج أخير
أقدر رجل في بلادنا يمكنه أن يقوم بهذه المهمة الآن هو الدكتور جرهام عبد القادر شمين رجل السياحة الأول ومن موقعه كوكيل لوزارة الثقافة والإعلام والسياحة ، ويمكنه أن ينفذ ما أشرنا إليه دون عقبات ، فغدا ستنتهي هذه الحرب وسيأتي السواح إلى بلادنا ومن المعيب أن لا يجدوا آثارا أومواقع تراثية بل ولا حتى فندقا واحدا يحمل من النجوم أربعة ، ناهيك عن خمسة أو سبعة نجوم .

مقالات ذات صلة

إغلاق