Uncategorized

من اعلى المنصة ياسر الفادني ورثة

من اعلى المنصة

ياسر الفادني

ورثة الخراب

ها قد نهضت الجزيرة من رمادها، وغسلت وجهها من دنس الأوباش، أولئك الذين مرّوا عليها كالجراد، لا يتركون خلفهم إلا رماد الخراب وغبار النهب، نعم، الجزيرة اليوم تتنفس من جديد، وكأنها تقول: لقد ولّى زمان قحت و الجنجويد والمغول، وعاد زمن العمل والكرامة

عاد كل شيء للحياة، حتى العمل النقابي الذي وأدته لجان التمكين ودفنته قحت في مقابر الشعارات ، الهيئة النقابية لعمال التعليم بولاية الجزيرة ، التي كانت في زمنهم تُجلد بالافتراء، وتُسلب بالنهب، وتُتهم بالفساد، ها هي اليوم تدخل القضيب من جديد، ويعود قطارها يطلق صافرة الإنجاز كل حين، كأنه يقول لتلك اللجان السيئة الذكر: نحن هنا.. وأنتم إلى المزبلة!

تلك اللجان التي مسخت النقابة، وسرقت سياراتها، وجعلت صندوق دعم المعاشيين الذي كان يمنح المعلم ٢٠ مليون جنيه ككرامة له عند التقاعد أثراً بعد عين، اللجان التي أوقفت كل خدمة، وجعلت صروح المعلمين قاعاً صفصفاً، وكأنها كانت في حربٍ مع التعليم نفسه

ما فعلته قحت ولجانها لا يُسمى تمكيناً، بل تمزيقاً ، لا إصلاحاً بل اجتثاثاً لكل ما هو وطني وشريف، (شفشفوا) العربات، التهموا الأموال، ثم صدّروا خطباً عن العدالة والشفافية، وكأن اللص حين يلبس بزة الثورة يصبح قاضياً في محكمة الضمير!

لكن الهيئة النقابية لعمال التعليم في ولاية الجزيرة لم تركع، بل كتبت فصلاً جديداً من الكبرياء النقابي، بدأت من الصفر، بصفحة بيضاء نقية، سطرها الأول كان عشر ألف سلة غذائية وزعتها للمعلمين بيد العطاء لا بلسان الوعود، وسطرها الثاني كان طوافاً كريماً على مراكز الامتحانات ومواقع التصحيح، قدمت فيه لكل مركز مليون جنيه دعماً وتشجيعاً، لأن العمل لا يُرفع في اللافتات بل يُرى في الأفعال

وقبل يومين، أعادت النقابة بعث مشروع الشراكة المجتمعية مع شركة شيكان لتقديم خدمات علاجية واجتماعية للمعلمين، مشروع سيرى النور قريباً بإذن الله، لأنه يخرج من رحم العمل، لا من بطون اللجان

ورغم كل هذا التقدم، تبقى الغصة في الحلق، غصة العربات التي( شفشفتها) لجنة التمكين، ووزعت كأنها غنيمة في سوق النخاسة السياسية، أين ذهبت؟ ولماذا لم تعد؟ سؤال نضعه في منضدة السيد الوالي، الرجل الذي عرفناه يقف مع الحق، وساهم أمين حكومته في إرجاع هذا الصرح النقابي من براثن التمكينيين الذين ظنوا أن السلطة صكّ ملكية شخصي لهم

كل استحقاق للعمال يجب أن يعود، وكل ما أُخذ بالقوة يجب أن يُسترد بالقانون، لأن التاريخ لا يرحم، والذاكرة لا تُشترى بالشعارات

كان يوماً أسود، بل أشدّ سواداً من دخانهم، ذلك اليوم الذي جلست فيه قحت على كرسي السلطة ، يومٌ اغبرّ في ذاكرة الوطن، حين سلّمت النقابات للجان لم تعرف من العمل النقابي إلا اللغو، ولا من الثورة إلا السطو، أكلوا المال الحرام، وتحدثوا عن الحرية، مزقوا المؤسسات، وتغنوا بالعدالة، حتى صار الخراب إنجازاً، والفشل شرفاً وطنياً عندهم

لكن اليوم، الجزيرة تُعيد كتابة القصة، النقابة تعود، والعمال ينهضون، والمغول رحلوا وبقي المعلم،
ذلك هو الفرق بين من يبني، ومن يشفشف!.

مقالات ذات صلة

إغلاق