Uncategorized
من أعلي المنصة ياسر الفادني يجب أن نفهم

من أعلي المنصة
ياسر الفادني
يجب أن نفهم
بالنظر إلى المشهد الراهن الذي تتقاطع فيه نيران الحرب مع خيوط المؤامرات الخارجية، يصبح من الضروري أن نقرأ الأحداث بعين الوعي لا بعاطفة اللحظة، ما تشهده البلاد من هجمات متكررة على المدن الآمنة واستهداف المرافق الخدمية الحيوية، ليس عملاً عشوائياً أو مجرد تصرفات مليشيا منفلتة، بل هو تنفيذ دقيق لمخطط دولي تتداخل فيه مصالح قوى إقليمية ودولية، تسعى إلى إبقاء السودان في حالة نزيف دائم يعيق نهوضه واستقلال قراره
دويلة الشر التي أغرقت ساحة القتال بالسلاح والمال لم تكن يوماً حريصة على سلام السودان، بل أرادت أن تجعل من دمار المدن وانهيار المؤسسات وسيلة لإعادة صياغة ميزان القوى بما يخدم أجندتها ، ما حدث في بارا من جرائم مروعة وتصفية جماعية للأسرى والمواطنين الأبرياء، وما تم اكتشافه من مقابر جماعية في مدن أخرى، كلها شواهد دامغة على أن المعركة لم تعد بين قوات نظامية ومليشيا فحسب، بل بين مشروع وطني يسعى لحماية الأرض والعرض، ومخطط خارجي يريد تفكيك الدولة من الداخل
إن صمت العالم إزاء هذه الجرائم يمثل جريمة أخرى، فالصمت الدولي ليس حياداً بل مشاركة غير معلنة في استمرار الكارثة ، هناك من يريد أن يُظهر المليشيا قوية على الأرض حتى تُفرض كرقم صعب في أي اتفاق مستقبلي، لتكون بذلك أداة ضغط تضمن لتلك الدول مصالحها الاستراتيجية، ولهذا تُفتح خطوط الإمداد وتُمرر الأسلحة عبر حدود دول تتدثر برداء (الجار الحميم) بينما هي في الحقيقة تسهم في قتل الأبرياء وإطالة أمد الحرب
المرحلة تقتضي وعياً وطنياً لا يساوم على السيادة ولا يُخدع بالشعارات الزائفة، فالمعركة اليوم ليست فقط عسكرية، بل معركة وعي وفهم عميق لطبيعة الصراع ومن يقف خلفه، يجب أن ندرك أن الدفاع عن الوطن لا يكون فقط بالبندقية، بل أيضاً بالتحليل الواعي والقراءة الذكية للمشهد، وبالقدرة على فضح وتعرية الأطراف التي تتخفى وراء خطاب الإنسانية بينما تمارس أبشع صور العدوان
السودان يمر بلحظة مفصلية، إما أن نكون فيها أصحاب قرار حرّ يقودنا إلى مستقبل آمن ومستقل، أو نترك لغيرنا أن يكتب تاريخنا بالدم والدمار، الدرس واضح: لا سلام يُفرض من الخارج، ولا وطن يُبنى بأيدي المليشيا، علينا أن نفهم جيداً أن الخلاص الحقيقي يبدأ من الداخل، من وحدة الصف الوطني وإدراك حجم التحدي الذي يُراد لنا أن نغرق فيه.
