من أعلى المنصة
ياسر الفادني
عندما يلبس والي الجزيرة الميري !
عندما يرتدي القائد الميري، لا يكون ذلك زينةً للمظهر بل إعلاناً بأن وقت الصمت إنتهى، وأن ساعة الوطن قد دقّت، والي الجزيرة لم يكتفِ بالكلمات، بل ترجَم الإنتماء عملاً في الميدان، يقف في الصفوف الأولى لا خلفها، يواجه الخطر حيث ينبغي أن يكون الرجال، الجزيرة اليوم ليست ولايةً تراقب الأحداث، بل جبهة من جبهات السودان العظيم، تشتعل حماسةً و إستعداداً كلما دوّى التكبير من معسكراتها
منذ أن استباحت المليشيات الفاشر وأعلنت الجزيرة التعبئة، لم يكن الإعلان مجرد بيانٍ رسمي… بل حراكٌ متقد، نراه في الشوارع، في المحليات، وفي الميادين حيث تلتقي الإرادة بالفعل، المستنفرون هناك لا يرفعون شعاراتٍ، بل رايات عزٍّ صافية، وجباههم تقول ما تعجز عنه البيانات: لن نسمح بعودة المعتدين، ولن نترك شبراً من أرضنا إلّا وهو محروسٌ بالدم والعهد
هذا الوالي الذي خبرته المناقل في أيامٍ عصيبة، لم يكن يومها بعيداً عن الناس، ولم يكتفِ بإدارة الأزمات من المكاتب، نزل إلى الأرض، حمل السلاح جنباً إلى جنب مع الجنود، وحمل المعول مع المزارعين ليعيد إعمار ما تهدّم، في صمته قوة، وفي فعله شهادة، وفي مواقفه معنى جديد للقيادة التي لا تعرف إلا ميادين العمل والعزة
والي الجزيرة اليوم لا يستعد لمعركةٍ تخص ولايته فحسب، بل لمعركة تخص السودان بأسره، حين لبس الميري، لبسه معه كل رجلٍ وامرأةٍ من الجزيرة، فصار الثوب رمزاً، والرمز وعداً بأن العزة لا تُسترد إلا بالعزم، إن ما يجري في مدني والمناقل وقرى الجزيرة ليس حراكاً عابراً، بل هو نبض وطنٍ ينهض من رماده، يعلن أنه لا يُهزم ما دام فيه قلب ينبض باسم السودان
إننا نرى في كل مشهدٍ من مشاهد التعبئة بطولةً تُكتب، ونسمع في كل تكبيرٍ نغمة الفداء والكرامة، الجزيرة لا تُساوم، ولا تنكسر، ولا تنسى من عبث بأمنها. ومن يظن أنها أرض الزراعة فقط، فليعلم أنها أرض الرجال أيضاً، فيها تنبت الشجاعة كما تنبت السنابل، وتثمر المواقف كما تثمر الحقول
يا والي الجزيرة، ما فعلتَه ليس مجرد ارتداءٍ للميري، بل ارتداءٌ لمعنى الوطن في أصدق صوره، أنت في قلب شعبٍ لا يموت إلا واقفاً، لا يعرف الانكسار، ولا يرفع رايةً إلا راية الله والوطن ، ومن مدني إلى آخر قريةٍ في الجزيرة، يتردد النداء:
عزيرة أنت…..يا جزيرة ! .
