رأي
ضجيج المنابر….. مقال بعنوان( ولاية النيل الأزرق مهد الثورة وضحيتها) ✍️ د. إبراهيم عامر حامد
ضجيج المنابر…..
مقال بعنوان( ولاية النيل الأزرق مهد الثورة وضحيتها)
✍️ د. إبراهيم عامر حامد
جاءت ثورة ديسمبر المجيدة التي انطلقت شرارتها الأولى بولاية النيل الأزرق في الثالث عشر من ديسمبر للعام 2018م لتحقيق شعار (حرية / سلام / عدالة). ولكن الصراعات الجِهوية والحزبية ذات الاطماع الذاتية عصفت بسفينة قوى إعلان الحرية والتغيير دون بلوغ ثالوث شعار الثورة العظيمة التي تداعى لها كل ألوان الطيف السوداني دون تمييز مواطن على آخر و دون تفضيل منطقة على أخرى ودون مزايدة جهد مكون ثوري على مكون ثوري آخر، وكما أن مهد الثورة هو الآخر الذي كان محط خلاف بين مكونات قوى إعلان (قحت). حيث ظل الجدل قائماً بين قوى الثورة في النيل الأزرق ومكون قحت المركزي حول مكان وزمان انطلاق ثورة ديسمبر قد ظهر ذلك الخلاف بشكل علني في أول إحتفال بمضي عام على انطلاقة شرارة الثورة وكان من المقرر أن يكون الإحتفال بولاية النيل الأزرق ولكن أصوات بعض قيادات قحت المركزي تعاطفت مع من ارتحلوا إلى الخرطوم على متن قطار……. أما اهل النيل الأزرق فكانت مشاركتهم واضحة ومؤثرة ولكنهم ساروا بمواكبهم إلى الخرطوم على رحلات برية عبر البصات السفرية (شيرنق ) وهنا حدث الفرق بين الدمازين وعطبرة لأنو الشغل كان إعلامي يا ولدنا فهمت؟؟؟… وعلى هذا الأساس سقطت الدمازين عمداً من حسابات قحت المركزي وظهر الميل العاطفي من قيادات المركزي لمنطقة عطبرة لتعلن حكومة المركز أن ميلاد ثورة ديسمبر كان في التاسع عشر من ديسمبر 2018م بمدينة عطبرة حيث كان ذلك اجحافاً في حق النيل الأزرق. ومن هنا تحية خاصة لأهل عطبرة أنتم تستحقوق كل الخير. ولكن سردي كان مجرد معلومات وحقائق عن ممارسات وسلوكيات قادة المركزي ضد ريادة مناطق الهامش.
وعلى الرغم من ذلك الانتقاص لريادة شعب النيل الأزرق الذي يملك في رصيده الخبرة الكافية والتجربة التاريخية الطويلة الراشدة في حكم السودان عبر دولة الفونج الإسلامية كأول دولة إسلامية السِبغ أرست دعائم الحكم الراشد وقدمت الانموج الإداري المترفع عن هوى النفس والمنحني لرغبات وميول الشعب من خلال توفير القانون العادل والرعاية التامة لمختلف ألوان طيف الشعب وتقديم الخدمات لكافة مناطق الدولة دون تمييز ودون تفضيل آنذاك إلا أن شعب النيل الأزرق ظل صابراً ومثابراً لكل أشكال الإقصاء في حكومة قوي الحرية والتغيير (قحت) الإنتقالية حتى قبل قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر 2021م. حيث عمدت قيادات بارزة في قوى إعلان الحرية والتغيير المركزي على إقصاء ولاية النيل الأزرق من المشاركة والتمثيل في الحكومة المركزية حينها فضلاً عن حالات الاغتيال والتشهير ب(الكوز) التي لازمت بعض مرشحي الولاية لشغل مهام وزارة الثروة الحيوانية بالمركز وكل ذلك يعد منهجاً واضحاً لافراغ كادر النيل الأزرق من شخصيته القوية المتشربة من تراكمات وإرث دولة الفونج.
كما استبشر الشعب السوداني بثورة الثالث عشر من ديسمبر للعام 2018م ظناً في إجراء الإصلاحات الشاملة في طريقة إدارة الدولة السودانية أملاً في تحقيق أهداف اندلاعها المتمثلة في ( غلاء معيشة وشظف العيش وتحقيق العدل والمساواة في شتى مناحي الحياة ) وقد تميزت ثورة ديسمبر بمشاركة جميع مناطق وأطراف السودان ولعلها كانت أعظم ثورة شارك فيها كل الشعب السوداني بمختلف إنتماءاتهم الإجتماعية والسياسية وفئاتهم العمرية أنواعهم (جندر ) ولكنها أُختطِفت قبل نضجها من قبل الأحزاب التي لم نسمع بها يوماً قط ولم نرى قياداتها على الإطلاق، كما لم يكن لها وزناً بل قامت وبرزت للسطح دون سابق إنذار وكأنما هي نبت شيطاني اللهم عليك بهم.
وفي محاولة خجولة بدعوى إصلاح الحال السياسي بعد سيطرة بعض أحزاب قحت للمشهد السياسي جاءت قرارات البرهان التي صدرت في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م والتي سماها بالقرارات التصحيحية تفاعل وتفاءل بها الكثيرون من وقود الثورة شباب وكنداكات بلادي بغية تغيير وتصحيح مسار الثورة بعد اختطافها من قبل (4 طويلة) لتحقيق شعار الثورة وإنزالها على أرض الواقع ولكن ظل الحال كما كان عليه دون تغيير يذكر ودون بارق أمل يلوح ببناء دولة يسودها العدل بين كافة أفراد الشعب السوداني ويكون التداول السلمي للسلطة سمة اعتيادية للشعب في الممارسة والتمثيل ويتحقق الانصاف في الثروة بمشاركة واسعة وعريضة من كل جبهات السودان المختلفة شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً تخفيفاً من حدة الصراعات التي كان لها النذر قبل سقوط نظام البشير وكذلك جاءت قرارات البرهان دون التوقعات حيث ظل الكل يتابع ويترقب انفراج الأزمة السياسية والاصلاحات المؤسسية في السودان من خلال الإعلان عن مشاركة كل المكونات الثورية و السياسية عدا المؤتمر الوطني في التوقيع على إعلان سياسي جديد يجد فيه كل ( شبر، حي، مربع، قرية، وحدة إدارية، محلية وولاية في السودان ) نفسه أونفسها ومساحة ليُعبر أو لتُعبر فيها عن رأيه أو رأيها، ووجهة نظره أووجهة نظرها، ليكون بذلك التكامل والتعاون باين للسطح في منهجية إدارة الدولة السودانية.
ويعد الإعلان السياسي الجديد الذي تم اشهاره قبل فترة وجيزة بمباركة العسكر وفولكر وبعض السفارات العربية دون القوى الثورية والقوى السياسية الأخرى ومكونات الجبهة الثورية (حركات إتفاق جوبا) خطوة مريبة للشك والظنون في مصداقية التعاطي مع قضايا السودان المفصلية ليبقى السؤال محل إجابة واضحة،،، لصالح من يحرك المجلس السيادي مياه التغيير.؟؟وهل للتغيير الفعلي الحقيقي لواقع السودان الحالي نحو الأفضل؟؟ وهذا في ظني أنه لم ولن يحدث ذلك طالما قوى ومكونات كبيرة ومؤثرة على الأرض غائبة عن ذلك،، أم لإغراق السودان والانزلاق به إلى هاوية التشظي وأظن أن هذا التحليل أقرب ومنطقي سيما أن بوادر الانقسامات والانفصالات تلوح في الأفق القريب ولعل الشرق قد قرع جرس الإنذار المبكر ومن قبله ولايات النيل الأزرق ودارفور وجنوب كردفان قد حزموا حقائبهم مبكراً ليقولوا كلمتهم في اللحظة الحاسمة مقررين بذلك الانفصال الذي ظل يراودهن من زمن ليس بالقصير.
نواصل في المقال القادم.