Uncategorized
سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب ( الخواف ربا عيالو )
سفر القوافي
محمد عبدالله يعقوب
( الخواف ربا عيالو ) والأسود في معسكرات التدريب فقط !!
السبعينات من القرن الماضي تلوح مودعة ، والثمانينات تدخل بتؤدة مخلفة السبعينات بمتناقضاتها العجيبة وراءها ، ونحن قد بدأت اصواتنا (تغلظ) ونحلق موقع شواربنا بالليمون لتنمو سريعا دون أوانها، لنثبت لفتيات جيلنا بأننا (رجال) وليس (اولادا) ، حينها كانت الخرطوم لاتنام ليلا ، وبين كل (بار) و(بار) ، (بار) آخر – وللناشئة هو الكان الذي تباع فيه الخمور الاوروبية فقط – .. والنساء كن يلبسن الفساتين القصيرة جدا ولها اسمائها ( جكسا في خط ستة) والكلوش والميني جوب وعندما فكرن في السترة ارتدين الماكسي الطويل والمحزق واللاصق جدا على اجسادهن ، ورؤوسهن كاشفة و( مكوفرة) في الكوافيرات على ايدي ( رجال) والتسريحات ماجنة جدا ، ومثيرة ومنها ( دردقني في النجيلة ) و( قبة المهدي ) و(كارل لويس) و( آفرو) بجانب المشاط الذي كان احسن حالا ولكن ( السودان قفل) كانت ( مشطة) خليعة ايضا ، ورغم ذلك كن عفيفات ومقفولات في البيوت الا ( المسخوتات ) غفر الله لهن .
اما الرجال والشباب فإنهم في الخرطوم ومدني والابيض ودنقلا ومروي وبورتسودان وكسلا ونيالا والفاشر والجنينة وكل عواصم الولايات فقد كانوا يلبسون البنطلون والقميص دون تحفظ ولكن في أطراف الولايات ونجوعها واصقاعها فقد كان من يلبس البنطلون لايعد اطلاقا في فئة الرجال ولا النساء ( مخوذق) ، وعندما ينشب عراك ما، وغالبا ماينشب بسبب (شبع الناس عيش – مريسة ) وتوفر باقي الخمور البلدية مع الرخصة الحكومية بتناولها نهارا جهارا ويعرف الممتلئ بـ(السم الهاري) بأنه ( مدقق) من الدقيق وليس التدقيق حتى لا يغضب استاذنا المدقق اللغوي على المنصوري .
نعود للشجار مرة أخرى ، وفي لحظة ، بعد أن حمي الوطيس يصيح رجل (فحل) وفي ضراعه سكين ( جقدي) وفي يده عكاز مضبب و( عيونو) حمر و( شبعان عيش) قائلا بصوت جهور ( ياناس الشغلة بقت جد والموت جا .. الرجال بى جاي .. والنسوان والافندية بي غادي ) وتلك كانت ضريبة لبس البنطلون ، فقد كانت باهظة جدا وتضعك في ( كنبة ) السلام الابدي مع النساء والعجائز .
فأنني اكاد اجن ، اذ بعد خمسة واربعين عاما فقط تحققت من ان البنطلون سينزل بالرجال الي خدور النساء ( مساويا) لهن لاباحثا عن ودهن وحبهن وطيبهن فقد دمر (بنطلون السستم) فحولة أولادنا ولعلي قد ظلمت اولئك ( السكارى) المتخلفين في سبعينات القرن الماضي رغم تناقضاتهم الكبيرة والكثيرة فقد كانوا رجالا ، لايلبسون المحزق والملون ولايمسحون جلودهم بأي شئ حتى ان نزل البرد ( نيو) كما يقول الدارفوريون والكردفانيون الاشاوس ( وهذه الصفة مستلبة من الدعم السريع الآن ويجب على الوزير الاعيسر تحريرها فور ) ، حتى ان (قدم) الواحد منهم قبيل انتهاء الشتاء تحمل شقوقا يمكنها ان تستوعب (ضبا) كاملا دون ان يتكرفس وعندما يقال له ( اتمسح) يأتي رده : ( اعمل حسابك انت قايلنى مرة ولاشنو) ويظل غاضبا حتى المساء ويخبر كل من لاقاه بتوجهيك ( الخايب) له .
اما بعض اولادنا في الالفية االثالثة فأكاد اجزم ان بعض البنات المحترمات ارجل منهم واذكر واحد منهم جاء منافسا في برنامج يهتم بالمواهب كان يشرف عليه مهندس الاذاعة السودانية الراحل صلاح طه وكنا بمسرح مركز شباب ام درمان وجاء هذا (الود) ليغني واللجنة الموقرة ترصد كل شئ ولكنه بعد ان بدأ يتلوى كالانثى الماجنة ، اوقفته عضوة اللجنة الفنانة سمية حسن بإشارة منها عبر مكبر الصوت وخاطبته بـ(انزل امرق بره ) وتمتمت بكلام لم نفهمه ولكنها كانت في قمة غضبها عندما سمعت وشاهدت شاباً لايحمل من ادوات الرجولة الا اسمه ، وفي اليوم التالي قابلت المغنواتي المغمور المطرود ليلة البارحة وقلت له ( خليك راجل يا ابني ) فقال لي ( الرجالة خليناها ليك ياعمو ) ثم مال وانثنى وغادر المركز .
نحن نفقد كل يوم قيمة من قيمنا ولكننا دوما نقول اننا بخير ، وفي كل مكان من العاصمة الخرطوم تجد من يضع كوما من الملابس الجديدة والمستعملة بطراز واحد وبجميع الالوان وبجانبها سماعات مبرمجة تنادي الشباب لشراء الموضة البناتية الجديدة المخصصة للأولاد وكان المعتمدون يمرون والوالي والبرلمانيون والتشريعيون يمرون في حكومتي ( الانقاذ وقحت ) ، ولا أحد يستنكر ولا احد يتدخل ، اما أئمة المساجد فقد بحت اصواتهم من النقد والتحذير والتوجيه وسرد مآثر السيرة النبوية المطهرة وحياة الصحابة الكرام ولكن دون جدوى .
والآن الفتيات مازال لديهن امل في (شباب الكريمات) وسيقبلن بهم ازواجا شريطة ان يعودوا الى رشدهم ويسلكون طريق الاجداد الذين اذا ( كح) الواحد منهم في ( طرف الحلة ) فإن نساء الفريق كلهن يلبسن طرحهن وثيابهن داخل بيوتهن وهن يعلمن ان حاج فلان لن يدخل عليهن ولكنهن سمعن ( قحة ) راجل .
خروح أول
من حسنات كارثة الجنجويد انها جعلت هؤلاء الشباب يدخلون معسكرات الجيش ( مستنفرين ) فنالوا جرعة قوية من الرجولة والبأس والإقدم وتعلموا ضرب البنادق الآلية والمدافع لصد مليشيا الدعم السريع عن قراهم ومدنهم وفرقانهم فعادت الفحولة تسري في شرايينهم وبذا يمكننا ان نردد بقوة ( شكرا اوباش الجنجويد ) وايضا ( شكرا الفاشل حمدوك ) ۔
خروج أخير
احدهم وصفني بالكوز والفلنقاي وبوق دولة 56 ، وطلب منى ان التزم الحياد لانني في عرفه شاعر مبدع ويجب ان اكون محايدا ۔۔ واقول له غدا ستتحرر ولايات السودان جميعها بإذن الله وبضربات جيشنا وامننا ومستنفرينا وفواتنا المشتركة ، حينها أبحث لك عن جحر ضب يأويك ، ولا نامت أعين ( المحايدون ) الجبناء وفي المثل ( الخواف ربا عيالو ) ۔