رأي
سفرالقوافي محمد عبد الله يعقوب وغاب زورق الالحان بشير عباس الى الأبد ۔۔ و( البنريدو تايه يا حليل البريدنا ) !!

سفرالقوافي
محمد عبد الله يعقوب
وغاب زورق الالحان بشير عباس الى الأبد ۔۔ و( البنريدو تايه يا حليل البريدنا ) !!
في يناير الماضي وفي خضم دوي المدافع ولعلعة الرصاص وازيز طائرات نسور الجو وتقدم قواتنا المسلحة لكنس الجنجويد في جميع محاور القتال في سودان العزة والكرامة ، مرت ذكرى رحيل موسيقار الاجيال بشير عباس بعد حياة حافلة بالابداع شكل فيها وجدان اهل السودان بالالحان الشجية عبر حناجر ملوك الطرب في بلادنا ، وكان ان نعاه رئيس وأعضاء مجلس السيادة عقب موته بإعتباره رائداً من رواد الموسيقى السودانية الافذاذ، ومثقفاً أصيلاً عمل طيلة حياته على نشر الثقافة السودانية والتبشير بها داخل وخارج السودان.۔
وتقول سيرته الذاتية : بشير عباس بشير نصر من مواليد 5/8/1935 م بحلفاية الملوك وفي نفس يوم مولده تخرج عمه اللواء حسن بشير نصر من الكلية الحربية ,,, تنقل بالعديد من أقاليم السودان وذلك بحكم عمل والده حيث بدأ دراسته بالكتاب بمدينة الرصيرص والوسطى بمدينة ود مدني .. في العام 1955 م عمل بفترة مؤقتة موظفا بالنقل الميكانيكي ببحري وانتقل للعمل بالري السوداني بسنار ثم بمشروع الجزيرة بركات ثم بعد ذلك عمل برئاسة السكة حديد بالجزيرة في ود الشافعي .
وفي 3/7/1959 م التحق بالعمل بالإذاعة السودانية بوظيفة سكرتير أوكسترا والتي كان يرأسها علاء الدين حمزة وطبيعة عمله تتطلب تواجده منذ الصباح لمتابعة البروفات والتسجيلات وواصل العمل بهذه الوظيفة ثم تركها ليعمل محاسبا بوزارة المالية وهذه الوظيفة جعلت وضعه المادي أفضل بالإضافة إلى انها اتاحت له تسجيل مقطوعاته الموسيقية في الإذاعة لانه سابقا كان لايستطيع تسجيل اي مقطوعة بالرغم من أنه المسئول عن التسجيل خوفا من كلام الناس ..
وفي العام 1967 م تم تعيين برعي محمد دفع الله رئيسا لقسم الموسيقى بالإذاعة السودانية وعين مكي سيد أحمد نائبا له ولاحقا تم إبتعاث مكي سيد أحمد لبلغاريا فطلب من برعي محمد دفع الله أن يختار نائبا له في القسم فاختار بشير عباس وفي بداية العهد المايوي نقل إلى قسم التنسيق .
في العام 1972 م عمل بهئية الطيران وأستمر به حتى العام 1988 م .. في العام 1989 م هاجر للعمل بدولة الإمارات العربية المتحدة ومنها شد الرحال إلى كندا في العام 1996 م .
ولاحظ والده إهتمامات إبنه بشير وولعه وشغفه بالموسيقى منذ الصغر فقام بإهدائه ( نأي من الابنوس ) عندما أكمل مرحلة الكتاب وتهيأ للدراسة بمدرسة مدني الأهلية الوسطى .. تعلم بعد ذلك بشير عباس أسرار عزف العود على يد إبنة عمه أسماء حمزة وهي أول ملحنة سودانية وإلى الأن لازالت اسرته تحتفظ بذلك العود والذي كان هدية من الجنرال عبد الرحيم محمد خير والذي يرتبط بصداقة مع أعمامه حسن وحمزة بشير ..
:شق بشير عباس طريقه الفني بالتأليف الموسيقي وتأثر في ذلك بالموسيقار برعي محمد دفع الله وأول مقطوعاته الموسيقية هي شروق وكانت في العام 1955 م و تلاها بمقطوعات مثل أمي وبامبو سنار .. ثم بأول لحن غنائي له وهو لحن أغنية أشوفك في عيني للفنان عبد العزيز محمد داؤود في العام 1960 م وتلاها بأغنيات ( يا سهارا تعالوا شوفوا البي ) للفنان محمد حسنين ثم الشال قلبي وسلا لثنائي الجزيرة .. وأول فنان شارك بالعزف معه هو عبد العزيز محمد داؤود في العام 1957 م عندما جاء إلى مدينة سنار بفرقته الموسيقية وكان ينقصها برعي محمد دفع الله وطلب منه أن يعزف مع الفرقة .. وأول أغنية عزفها هي سمير الروح مع عبد العزيز محمد داؤود .
أول من قدم موسيقى الأغاني بالصفارة عن طريق الفم مصاحبة بالعود .. نذكر منها أغنيات حاول يخفي نفسه ( حقيبة ) وعشت ياسوداني وسفري ( لأحمد المصطفى ) والمقرن في الصباح ( لإبراهيم الكاشف ) ولاقيته باسم زهر المواسم ( لفاطمة الحاج ) وقريبة وبعيدة ( لصلاح مصطفى ) .
إرتباطه بالبلابل:
ارتبط إسم بشير عباس بالبلابل ويرجع ذلك لما قدمه لهن من الحان شجية كانت سبب في شهرتهن , والترحاب والإستقبال الحافل للبلابل بعد عودتهن للساحة الفنية بعد غياب دام لأكثر من خمسة وعشرون عاما لهو دليل على رسوخ تلك الألحان في وجدان الشعب السوداني.
قال الراحل : ( التقيت مع البلابل عن طريق اللواء المرحوم جعفر فضل المولى مدير الفرقة القومية للفنون الشعبية , حيث لعب دورا كبيرا في لقائنا عندما طلب مني أن استعين في بعض الأعمال الفنية باصوات نسائية وكن أربعة وليس ثلاثة واعتذرت شقيقتهن شادية عن الحضور لصداع وجئن البلابل للعمل معي وبعد أيام حدث إنقلاب 19 يوليو وبعد فشل الإنقلاب كتب جعفر فضل المولى أغنية ( آب عاج أخوي) في نميري وقمت بتلحينها وكان من المفترض تقديمها بواسطة ثنائي النغم ولكنهما كانتا تعتذران عن الحضور للبروفات والبلابل كن منتظمات في الحضور , لذا اقترح العقيد عثمان محمد أحمد أن تعطى الأغنية للبلابل وبالفعل تغنين بها ولقب البلابل أطلقه عليهن البروفسير الراحل علي المك .. ومن وجهة نظري ان تجربة البلابل لن تتكرر ) انتهى .
لحن بشير عباس للبلابل باقة من الاغنيات الخالدات و( نحييك , مشوار , نور بيتنا , الأسمراني , ود القبائل , زهر الريحان , لون المنقة , مشينا مشينا , عشه صغيرة , البنريدو تائه , رجعنالك , حبايبنا , البيسأل مابتوه , طير الجنة , قطار الشوق , حلوين حلاوة , موجة , تتبارك , نسيتني انا وخلاص يعني , على نياتنا , نجوم الليل , سكة مدرستنا , رياح الشوق , حب وأمل – الليلة مسافر للدار مغادر – , سلافة الفن , آب عاج أخوي ومتعالي علينا ) .
لحن لعبد العزيز محمد داؤود : أشوفك في عيني , بلادي ياسنا الفجر .
ولعبد الكريم الكابلي : طائر الهوى .
لحسن عطية : حبو زي النيل .
ولزيدان إبراهيم : كنوز محبة .ونال عبد العزيز المبارك : لاتدعني .
ولمحمد حسنين : يا سهارى
. وثنائي الجزيرة : الشال قلبي وسلا .
ولثنائي النغم : أمير الناس .
ولعلي السقيد : ازيك مع الايام , انا يابلد .
مها عبد العزيز نالت : سودانا ياسودان الهناء .
الف الراحل عدد من المقطوعات الموسيقية وهي ( أحاسيس , دموع الفرح , نهر الجور , ليالي مدني , القاش , أمسيات , وداد , ليالي واشنطن , آسيا , أيام في أنزارا , فارس النيل , مريدي , شروق , ليالي عطبرة , لوحه , الرياض , أمي , وأفراح السودان ) ۔
خروج أخير
رحل بشيرعباس في العام 2022م وترك خلفه ارثا فنيا ضخما ستسير بذكره الركبان لعقود قادمات ۔۔ رحمه الله واسكنه فسيح جناته ۔