رأي

عبقرية الشريف حسين الهندى دليلنا لاعادة بناء الوطن بقلم : بروفسور محمد بابكر ابراهيم

عبقرية الشريف حسين الهندى دليلنا لاعادة بناء الوطن
بقلم : بروفسور محمد بابكر ابراهيم
استمد الحزب الاتحادي الديمقراطي قوته من المبادئ السامية والإرث الوطني العظيم الذي اختطه جيل الأباء المؤسسين بقيادة زعيم الأمة السيد/ إسماعيل الأزهري وصحبه الأماجد، والقائد الاسطوري الشريف حسين الهندي، لذلك ولد حزبا عملاقا لا تعوزه الرؤيا الثاقبة، ولا الكوادر ذات الدربة و الخبرة والإرادة. لقد قاد الزعيم الأزهري معركة التحرير محققا الجلاء والاستقلال والسودنة بجدارة واقتدار ، وتولي من بعده الشريف حسين معركة التعمير لتحقيق الاستقرار وحرية القرار. ويسعي حزبنا اليوم جاهدا لتكملة ما بدأه جيل الآباء ومن أهمها إرساء أسس الحرية والديمقراطية والوحدة الوطنية والمساواة والتنمية والعدالة الاجتماعية وصولا للاستقرار ورفاهية المجتمع. كثيرون كتبوا وتحدثوا عن الشريف حسين الهندي ، عن وطنيته الطاغية، عن قيادته الكرزمية، عن إنسانيته عن نشاطه السياسي والاقتصادي عن مقاومته العنيدة للدكتاتوريات والاستعمار، عن صلاته العميقة والمؤثرة بالأشقاء العرب والافارقة وانفتاحه على العالم . لكن عبقرية الشريف وفكره الثاقب وبعد نظره ظلت بعيدة عن التناول ، حيث تمثلت عبقرية الشريف حسين في انه كان رجلاً سبق عصره بكل ما تحمل هذه العبارة من معني ولقد كانت له (رحمه الله) رؤيه ثاقبه في بناء الوطن وتفعيل السياسات التي ترفع من شأنه. كان رقما فاعلا في السياسة والنظريات الاقتصادية الناجحة محليا وعالميا. ولقد تمثلت رؤياه في أنه أول من استلهم مبادئ التنمية المستدامة وسبق العالم في تطبيقها بثلاثة عقود من الزمان ، والمعلوم بأن هذه النظرية في أبسط صورها تعمل لإشباع حاجيات الفرد والمجتمع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية مع تكامل تام بين الجهد الشعبي والرسمي دون التجني والاستغلال غير المرشد للموارد الطبيعية وعدم الاخلال بالتوازن البيئي ، من زاوية أخرى إن تطبيقه لأسس التنمية المستدامة يعني تطبيق الديمقراطية والمساواة والتوزيع العادل للثروة والعدالة الاجتماعية وذلك بتحرير المواطن من ربقة السخرة وتحرير إرادته بعيدا من سطوة الطائفية والاقطاع. ومن أهم انجازاته في المجالين الاقتصادي والاجتماعي ذلك التغيير الذي أحدث طفرة كبيرة في حياة المواطنين مما ساعد علي النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي والاجتماعي. فقد قام بتطبيق برامجه التنموية العملاقة التي تمثلت في تغيير علاقات الانتاج بالجزيرة وتأميم مشاريع النيل الأبيض والأزرق وسودنة التجارة الخارجية وإنشاء الإصلاح الزراعي كمرحله أولى في التنمية القومية. وبدأ في إجراءات المرحلة الثانية والمتمثلة في التخطيط لإنشاء مشاريع كنانه والرهد التي تتطلب تعلية خزان الروصيرص على أن تعقبها المرحلة الثالثة تنمية إقليم وسط السودان المنتج من الجنينة غربا إلى باسندة على الحدود الاثيوبية شرقا وهو ما عرف بحزام السافنا. وبالفعل قام بتوقيع عقد تعلية الخزان بقرض من البنك الدولي في أواخر عام 1968. ولكن بانقلاب مايو 1969 توقف ذلك المشروع الانمائي العملاق. والذي كان من المفترض إن تم، أن يجعل من اقتصاد السودان اقتصادا قويا. لقد طبق الشريف حسين برامج التنمية المستدامة في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي عندما بدأ برنامج الامم المتحدة الإنمائي UNDP عقده الاول والذي يهدف لتنمية الدول الناميه ولقد كانت جلها حديثة الاستقلال في ذلك الوقت. وعرف هذا البرنامج وسط الاقتصاديين والاكاديميين بنظريه التنمية (Development Theory) أو نظرية الحداثة (Modernization Theory) اللافت للنظر بأنه عند نهاية عقد الستينات اتضح للجميع فشل نظرية التنمية والتي حلت محلها لاحقا نظرية التنمية المستدامة وعليه فقد نجح الشريف حسين أيما نجاح في تطبيق نظرية التنمية المستدامة من قبل أن يعرفها المجتمع الدولي. إضافة لهذا الجهد الاقتصادي في التنمية هنالك الشق الثاني للتنمية المستدامة وهو التنمية الاجتماعية والتي أصبحت جزءا مهما منها عند انعقاد مؤتمر كوبنهاجن في عام 1995، أي بعد 3 عقود من تطبيقها بنجاح في السودان باعتبار أن المواطنين الأصحاء وتنمية قدرات أفراد المجتمع والاستجابة لاحتياجاتهم هو جزء مكمل ومهم للتنمية الاقتصادية. وفي هذا المضمار طبق الشريف حسين كادر العمال والموظفين والذي يفضي إلى أن ما يتقاضاه العاملون لا بد أن يفي باحتياجات السوق وأكثر ، إضافة إلى( بند العطالة) والذي يرمي إلى إيجاد عمل للخريجين تمهيدا لاستيعابهم في مشاريع المرحلة الثانية والثالثة من برنامج الشريف حسين القومية لتنميه الوطن ، وذلك حفاظا على استثمارات الدولة في التعليم من الاغتراب والهجرة والتسيب والفساد. و من اجمل ما طبق في مجال التنمية الاجتماعية هو مجانية التعليم والعلاج ومواصلات الطلاب وإسكانهم بالداخليات المدرسية. وأكثر من ذلك فإن اهتمام الشريف حسين بالتنمية الريفية وإنسان الريف بشكل خاص قد تخطى السياسات المحلية إلى العالمية. ولقد كان الشريف حسين صديقا لمدير البنك الدولي روبرت ماكنمارا الذي كان وزيرا للدفاع في حكومتي كيندي ولندن جونسون قبل أن يصبح مديرا للبنك الدولي. وبحكم مشاركة الشريف الفعالة ونقاشاته في البنك قد ترك انطباعا جميلا وحضورا لافتا في سياسات البنك أشاد بها ماكنمارا عندما قال (( من خلال عملي في البنك في الفترة ما بين 1968 إلى 1972لم يستوقفني ويدهشني محافظا من محافظي البنك بحكم مناصبهم كوزراء ماليه كما استوقفني وادهشني شريف السودان – ))بتصرف.
و تمشيا مع نظرية التنمية فقد قام ماكنمارا بجهد كبير لمساعدة الدول النامية والقطاع الأكثر فقرا منها (انسان الريف). وهو دون مدراء البنك الدولي قام بدعم مشاريع التنمية الريفية في العالم الثالث. وعليه يمكننا أن نستنتج أن ما قام به الشريف حسين في السودان ونقاشاته في اجتماعات البنك قد انعكس انعكاسا ايجابيا علي سياسة البنك التنموية تحت ادارة ماكنمارا وأن إشادته بالشريف حسين اعتراف واضح بقدرات الشريف الفائقة ودوره الايجابي في رفد نظرية التنمية العالمية والريفية منها علي وجه الخصوص بالآراء الصائبة.
رجل بهذا الفهم المتقدم وتلك العبقرية قل أن يجود الزمان بمثله. لقد ترك لنا الشريف حسين إرثا عظيما وبصرنا بأن الوطن يزخر بالموارد الطبيعية والبشرية والتي لو أحسن استغلالها سوف تعود بالخير والنماء للوطن وأهله وتجعله في مقدمة الدول ، إضافة لهذا الدفع المعنوي والإرث الوطني العظيم الذي تركة لنا الشريف ورفاقه فإننا في الحزب الاتحادي الديمقراطي قد استفدنا من تجربتنا وتجارب الآخرين في سعينا الجاد لإعادة بناء الوطن والخروج به من كبوتة والدفع به لمقدمة الصفوف ، فقد كان ومازال الهم الأكبر للحزب هو كيفية إعادة بناء الوطن. فانبرت فئة مخلصة من أبناء الحزب والوطن وانتظم الجميع في نقاشات مستمرة طيلة السنوات الماضية لوضع الأسس القويمة لإعادة بناء الوطن في شتي مناحي الحياة التي دمرتها الانقاذ حتي يقف الوطن صامدا شامخا وسط الامم ، زادنا في ذلك العلم والفكر وأصبح لدينا الآن برنامج ورؤي واضحه عن كيفية معالجة تلك السليبات وذلك الدمار الذي خلفته الانقاذ متسلحين بذخيره وافرة من البحوث والمقالات التي نشرت في الصحف السيارة والإلكترونية .إضافة إلى استشارات ذوي الاختصاصات في شتي المجالات ، ونحن الآن بصدد حث الشباب داخل وخارج الوطن، واستنهاض هممهم وربطهم باحتياجات بلادهم لبناء قاعدة بيانات حتي يستفيد الوطن من علمهم وعملهم في إعادة بنائه فهم عماد الأمة وسندها ومستقبلها الزاهر لبناء دولة المواطنة والفرص المتساوية.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير الوطن والمواطنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق