رأي
مهندس عبدالجليل حاكم يكتب : صولة يراع *ما بين فدرالية دولة سنار وتوهان سودان اليوم*
مهندس عبدالجليل حاكم يكتب :
صولة يراع
*ما بين فدرالية دولة سنار وتوهان سودان اليوم*
قيل قديماً أن كثرة الأسماء يدل علي عظمة ومكانة المسمى؛ ولعلي هنا أعني المحروسة المحمية سنار عاصمة الدولة المتعددة الأسماء منها (دولة سنار)؛ (السلطنة الزرقاء)؛ (مملكة الفونج الاسلامية) انتهاءاً بمهندس الخزان مكوار ثم العودة الي الأصل سنار هي تلك العاصمة الاولي لأول دولة قطرية في السودان بعد عهد الدويلات التي سبقت كان نظام الحكم فيها يعتبر تطوراً لانسان ذاك الزمان من القرن الخامس عشر حيث اتسمت بالممازجة في أشياء كثيرة يمكن ان نفككها بمفردات عصرنا الحالي لذا نقول انها قامت علي المدنية الحقة التي كانت طابعها فدرالي حيث لم تكن السلطة فيها مركزية قحة وانما كانت هنالك أقاليم ولكل اقليم حاكم ومستويات ادارية ادني عرفت بالتسلسل الهرمي في الادارة؛ وكان به فصل في السلطات حيث ان السلطة السياسية فيها كانت للسلاطين والمكوك والسلطة القضائية فيها للقضاة من رجال الدين والسلطة التشريعية للشعب يمارس عبر مجالس الأعيان وزعماء العشائر؛ كما كان له نظام اقتصادي وتجاري وعملة للتداول وكذلك كانت للدولة جيش منظم بقياداته وفرقه وتشكيلاته وعقيدته العسكرية حسب تراتبية الجند فيها من خيالة ومشاه ورماة للنبل والحراب. ومقدمو القوم والخيل وفرق الفرسان.
هذه فضلاً عن نظام التعليم المنتظم المدارس السنارية والخلاوي وبلغ التعليم قمته بتأسيس الرواق السناري بالأزهر الشريف ودوره في كسوة الكعبة الشريفة وتمهيد الطريق لحجاج بيت الله الحرام. بجانب العلاقات الخارجية والبعثات الدبلماسية التي نشأت بين سنار والخارج فضلاً عن العقد الاجتماعي المحكم بين القبائل التي تمت من خلال المصاهرات واسست فيما بعد للتصاهر الاجتماعي الذي شكل الملامح العامة للشخصية السنارية؛ ولولا غدر المتآمرين الوطنيين مع الدخلاء الأجانب لكانت الهوية السودانية اليوم هي السنارية ولكانت السفارات السودانية بالخارج و السفارات السنارية ولظلت سنار هي العاصمة الوطنية للدولة. ثلاث قرون من الحكم المستمر ان دل علي شئ انما يدل علي عبقرية مؤسسوا تلك الدولة ورواد تلك الحضارة خاصة فيما اسسوا له من علاقات اجتماعية وفلسفتهم لوضع نظام مدني تم فيه الفصل بين السلطة السياسية التي كان يتمتع بها الملوك والسلطة الدينية الروحية التي كان يتمتع بها رجال الدين خاصة اهل المسايد والتقابات فضلاً علي المحافظة للأعراف المحلية المتوارثة من قبل نشؤ دولة الاتحاد السناري او الحلف الفونجي العبدلابي وتلك ما يمكن ان نسميه العلاقة الراسخة بين (الككر والتبروقة).
ولعلنا اليوم في سوداننا الحالي في حالة من التوهان خاصة في تجارب الحكم راينا أن نستأنس بذكري المجد المؤثل لحضارة سنار عسي ولعل نستلهم منها العبر ونستشف منها حكمة الرعيل الأول من مؤسسيها ونتقفي اثارهم لنهتدي بها في حاضرنا الممجوج ضلالة وتوهان وفقدان بوصلة الاتجاه؛ في تقديري ان هذه الحالة التي تمر بها الدولة السودانية لا يوجد لها نسب في حقب التاريخ المتنوعة؛ لهذا حينما نتحدث عن سنار يدور في خلد المرء منا كيف كنا متقدمين ويرثي حال راهننا اليوم؛ ومع ذلك لا ينتابني اي شعور باليأس طالما نحن جيل اليوم من صلب ذاك الرعيل الأول؛ فقط علينا ان نحاول جاهدين لنري الأشياء علي حقيقتها ونسميها بمسمياتها ونصفها بصفاتها.
أخيراً السودان كوم وسنار صرة هذا السودان لهذا نهمس في اذن كل سنار ونقول لهم بان اصلاح اعوجاج السودان يبدأ من سنار كما بدأ التاريخ من هناك. ولصولة يراع جولات اخري في هذا المضمار.