رأي

من أعلى المنصة ياسر الفادني أتذكرُ إذ لحافك جلدُ شاة…..وإذ نعلاك من خُفِّ البعير؟

من أعلى المنصة

ياسر الفادني

أتذكرُ إذ لحافك جلدُ شاة…..وإذ نعلاك من خُفِّ البعير؟

بيت شعرٍ اختصر كل مأساة الطغاة حين يقفزون من قاع الفقر إلى قمة السلطان، فينسون أصلهم، ويتمادون في غيّهم كأنهم خُلقوا ملوكًا منذ الأزل ، هذا البيت كأنه صُنع خصيصًا لحميدتي، ذاك الذي خرج من رعاية الإبل ليجلس على كرسي الحكم، ثم نفخ الشيطان في أوداجه حتى حسب نفسه فوق البشر، وصار يتبجح بسلطان زائف لا يقوم إلا على جثث الأبرياء ودموع الثكالى

هو نفسه الذي قالت عنه مجلة فرنسية إنه أغنى حاكم في أفريقيا، والذهب عنده كقطع “اللبان” يمضغها ويقذف بها حيث يشاء، يوزعها رشوةً وتخريبًا، كمن يبيع الوطن في سوق نخاسة بلا ثمن، فما لبث أن صار أسيرًا لغطرسته، سجينًا لجبروته، حتى غدا لا يميّز بين مقام السلطان ومقام “التاجر”، ولا بين الدولة والمغنم

اليوم، لا أحد يدري أحيّ هو أم ميت؟، أم صار مجرد بُعاتي يحركونه بخيوط الإعلام مثل دمية بالية، إن مات أو لم يمت، أو بعثوه بالذكاء الاصطناعي ليبتسم إبتسامة بلهاء أمام الكاميرات، فهو في نظر الشعب هالك، هالك في ضميره، هالك في تاريخه، هالك في سيرته التي تُلخصها تلك الشعور التي يسرح فيها القمل، يخرجونها لنا في الإعلام كأنهم يرفعون بها معنوياتهم الممزقة، بينما لا تزيد الناس إلا قرفًا واشمئزازًا

الحكم لا يورّثه الذهب، ولا يحرسه المرتزقة، ولا يأتي على صهوة الرماح أو على أشلاء الأطفال، كل سلطان بُني على دماء الناس ومآسيهم نهايته جهنم في الدنيا قبل الآخرة ، والتاريخ لا يرحم، فقد علّمنا أن الكرسي الذي يُصنع من عظام المشردين، مصيره أن ينكسر على رأس صاحبه

فنقولها له ولأمثاله: سبحان من رفعك من جلد شاة إلى سرير السلطان، ثم جعلك آية في كيف تكون نهاية المتجبرين، فليحفظ الطغاة هذا البيت عن ظهر قلب، لأنه ليس شعرًا فحسب، بل نبوءة معلقة على رقابهم:

أتذكر إذ لحافك جلدُ شاة
وإذ نعلاك من خفِّ البعير؟
فسبحان الذي أعطاك حكمًا وعلّمك الجلوس على السرير.

مقالات ذات صلة

إغلاق