تحقيقات وحوارات

(حميدتي والميرغني) .. ماوراء الزيارة ومأدبة العشاء .. تقرير: سنهوري عيسى

(حميدتي والميرغني) .. ماوراء الزيارة ومأدبة العشاء ..
تقرير: سنهوري عيسى

تحركات عديدة يقوم بها الفريق أول محمد حمدان حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع وسط القوي السياسية والإدارات الأهلية والزعامات القبيلة والدينية تحمل في ظاهرها رغبة الجنرال في توسيع قاعدة المؤيدين للاتفاق الإطاري وتخفي في باطنها طموحات الجنرال في توسيع نفوذه السياسي والتحول الي (رجل سياسي ) بدلا عن عسكري وبناء تحالفات مستقبلية استعداداً للانتخابات المقبلة .
وظهرت أهداف تحركات الجنرال حميدتي بوضوح من خلال زيارته إلى مولانا محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ومرشد الطائفة الختمية، ثم بعدها إقامة حميدتي لمأدبة عشاء على شرف مولانا الميرغني بتشريف رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان كما حضر الزيارة والمأدبة الموقعين على الاتفاق الإطاري من الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل رغم تجميد الحزب لنشاطهم وفصل البعض منهم ، مما يؤكد أن أهداف تحركات حميدتي داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل تكمن في التوسط لطي الخلافات بين نجلي الميرغني ( جعفر والحسن) واستمالة الميرغني للحاق بالاتفاق الإطاري، كما تحمل أهدافا (غير معلنة) تعزز طموحات الجنرال حميدتي في بناء تحالفات مستقبلية مع الطائفة الختمية استعدادا للانتخابات المقبلة.

ماوراء الزيارة والمأدبة

تساؤلات عديدة طرحتها زيارة الجنرال حميدتي إلي مولانا الميرغني وتنظيم مأدبة عشاء على شرفه.. في مقدمتها ما الأهداف الظاهرة والخفية للزيارة والمأدبة .. وهل ستغير في مواقف مولانا الميرغني وتلحقه بالاتفاق الإطاري…؟ .. وهل زيارة حميدتي للميرغني وتنظيم مأدبة عشاء على شرفه بحضور البرهان وبعض قيادات الاتحادي الأصل الموقعة على الاتفاق الإطاري تؤشر لقرب لحاق الميرغني بقطار الاتفاق الإطاري .. أم تكتيك مرحلي ومؤشر لتحالف مستقبلي بين ( حميدتي والميرغني) .. وما تأثير إنضمام الميرغني الي الاتفاق الإطاري علي المشهد السياسي السوداني…؟
ويري محللون سياسيون، أن زيارة الجنرال حميدتي الي مولانا الميرغني وتنظيم مأدبة عشاء على شرفه لها أهداف معلنة واخري خفية ، حيث تبدو الأهداف الظاهرة في توسط حميدتي لطي خلافات نجلي الميرغني ، والحاق مولانا الميرغني بقطار الأتفاق الإطاري ، بل وانقاذ الاتفاق الإطاري الذي يجد معارضة واسعة من القوي السياسية والشارع السوداني والثوري وأدي لانقسامات داخل المجلس المركزي لقوي الحرية والتغيير وخروج حزب البعث العربي منه، ورفض الحزب الشيوعي وواجهاته للاتفاق الإطاري الي جانب تضارب أقوال المدنيين والعسكريين بشأن الاتفاق الإطاري .. هل هو مفتوح.. أم مغلق والانضمام إليه بشروط، فضلا عن تداعيات حديث القائد العام للجيش في قاعدة المعاقيل التى دفعت قوي الحرية والتغيير المجلس المركزي للتشكيك في توجه المكون العسكري ونظرته للاتفاق الإطاري، بجانب اتساع قاعدة الرافضين للاتفاق، بينما تكمن الأهداف( غير المعلنة) لزيارة حميدتي الي الميرغني وتنظيم مأدبة عشاء على شرفه في بناء (تحالف مستقبلي) بين ( حميدتي والميرغني) استعدادا للانتخابات المقبلة وتعزيز طموحات حميدتي في السلطة والتحول إلى رجل سياسي .
وتوقع محللون سياسيون، نجاح تحركات حميدتي في إقناع واستمالة الميرغني للحاق بركب الاتفاق الإطاري، بينما استبعد محللون سياسيون، لحاق مولانا الميرغني بقطار الاتفاق الإطاري والذي سيكون خصما علي رصيده السياسي ومخالف لقراءة القوي السياسي بالبلاد خاصة وأن الاتفاق الإطاري يتهاوي الآن ويحتاج إلى من ينقذه، فضلا عن أنه لم يجد حماسا من الموقعين عليه ، بل هنالك تباين في تصريحات المدنيين والعسكريين بشأن الاتفاق الإطاري هل هو مفتوح.. أم مغلق والانضمام إليه بشروط.

أهداف وطموحات الجنرال

ويري دكتور حسن الساعوري المحلل السياسي والاستاذ بالجامعات السودانية، أنه ليست بالضرورة أن تنجح زيارة الجنرال حميدتي الي الميرغني وتنظيم مأدبة عشاء على شرفه في تحقيق هدفها بالحاق مولانا الميرغني الي الاتفاق الإطاري، وانما بالضرورة تحقق أهداف الجنرال حميدتي وطموحاته المستقبلية في بناء تحالفات مع القوى السياسية والزعامات القبلية والدينية والإدارات الأهلية والمشايخ والطرق الصوفية استعدادا للانتخابات المقبلة.

ثلاث خطوط لتحركات حميدتي

واضاف الساعوري: تحركات الجنرال حميدتي تسير في ثلاث خطوط لتحقيق أهدافه وطموحاته الشخصية ، فالخط الأول إلحاق الرافضين للانفاق الإطاري، والخط الثاني التوسط لطي خلافات نجلي الميرغني (جعفر والحسن) بغرض الإصلاح بين المتخاصمين أو المتنافسين ، وبالتالي حرص حميدتي فيي لقائه مع الميرغني علي وجود نجلي الميرغني في وجوده من أجل التوسط بينهما، بينما الخط الثالث هو( الغير معلن) يكمن في بناء تحالفات مستقبلية مع مرشد الختمية والتوصل إلى تفاهمات لخوض الانتخابات المقبلة.

استبعاد إلحاق الميرغني بالاطاري

واستبعد دكتور حسن الساعوري، نجاح حميدتي في إقناع واستمالة الميرغني والحاقه بالاتفاق الإطاري لجهة المواقف الثابتة والمعلنة من الميرغني بشأن الاتفاق الإطاري والرافضة له، إلي جانب إنتهاء الاتفاق الإطاري والذي لم يجد حماسا من الموقعين عليه ، خاصة قوي الحرية والتغيير المجلس المركزي الذي تشظي بفعل هذا الاتفاق الإطاري وخرج منه البعثيين، ورفضه من قبل الشيوعيين، ولجان المقاومة كما اتسعت موجة الرفض الشعبي له بالشارع فضلا عن رفض القوي السياسية والكتلة الديمقراطية للاتفاق.
ومضى دكتور حسن الساعوري، إلي القول بأن: ما يهم حميدتي من تحركاته الآن تحقيق طموحاته الشخصية واستغلال الفرص المتاحة لبناء تحالفات مستقبلية مع بعض القوي السياسية والكيانات الأهلية والزعامات الدينية والقبلية استعدادا للانتخابات.

إنقاذ الاتفاق الإطاري

وفي السياق ذاته يري دكتور علي عيسى المحلل السياسي والخبير العسكري والاستراتيجي، أن تحركات الجنرال حميدتي وزيارته الي الميرغني وتنظيم مأدبة عشاء على شرفه تهدف إلى إنقاذ الاتفاق الإطاري الذي يجد معارضة كبيرة إلي جانب شكوك المدنيين في توجه العسكريين ونظرتهم للاتفاق الإطاري علي أنه مفتوح للجميع ، بينما تري القوي المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري أنه مغلق وليست مفتوح، فضلا عن حديث الفريق أول عبدالفتاح البرهان في قاعدة المعاقيل التى زادت شكوك المدنيين الموقعين على الاتفاق الإطاري.
واضاف دكتور علي عيسى: وبالتالي تأتي تحركات الجنرال حميدتي في إطار الجهود المبذولة لانقاذ الاتفاق الإطاري، ولكن ربما تصطدم هذه التحركات بالتقاطعات الإقليمية ومخاوف الموقعين على الاتفاق الإطاري من توسيع قاعدة المؤيدين والتى ستأتي خصما عليهم، الأمر الذي يتطلب من الجنرال حميدتي استيعاب توجهات القوي الإقليمية والدولية ماذا تريد، ولماذا يريد المدنيين الموقعين على الاتفاق الإطاري حتي لا تفشل تحركاته في توسيع قاعدة المؤيدين للاتفاق الإطاري .

شروط نجاح دبلوماسية المأدب

ويري دكتور علي عيسى، أن نجاح دبلوماسية المأدب والاستقطاب التى يقودها الجنرال حميدتي رهينة بموافقة القوي الدولية والإقليمية التى تقف خلف الاتفاق الإطاري و موافقة المدنيين الموقعين على الاتفاق والذين يريدون أن يكون مغلقا وليست مفتوحا حتي لا يكون خصما عليهم، بالتالي تحركات الجنرال حميدتي الفردية ستكون لها نتائج عكسية على الاتفاق الإطاري وزيادة شكوك المدنيين في توجه العسكريين بأن الاتفاق الإطاري مفتوح ، بينما هم يريدونه مغلقا، وبالتالي ستكون تحركات حميدتي مغامرة غير محسوبة النتائج والعواقب.

تأثيرات انضمام الميرغني الإطاري

وحول تأثير انضمام الميرغني للاتفاق الإطاري يري دكتور علي عيسى، أن انضمام الميرغني للاتفاق الإطاري سيكون خصما على رصيده السياسي ويخالف قراءة الواقع السياسي السوداني، في ظل إتساع دائرة الرفض للاتفاق الإطاري واتساع دائرة عدم الثقة بين المدنيين والعسكريين الموقعين على الاتفاق الإطاري، فضلا عن انه سبحالف تحالفات الميرغني مع القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في المشهد السياسي والتي لا تريد للميرغني أن يكون ضمن الاتفاق الإطاري.
واضاف : أما تاثير انضمام الميرغني إلى الاتفاق وانعكاسه على المشهد السياسي سيكون محدودا في ظل إتساع دائرة الرفض للاتفاق الإطاري، بل سيكون خصما على مستقبله السياسي.

بناء تحالفات الجنرال

وفي السياق ذاته يري دكتور محمد حسن فضل الله المحلل السياسي ومدير مركز الخبراء العرب، أن الجنرال حميدتى يستخدم قوة المال في بناء التحالفات المؤيدة له وضرب التحالفات المعارضة .
واضاف : شواهد عديدة علي ذلك فقد عمد حميدتي الي ضرب تحالف مجلس شورى الجعليين بتذكية الخلافات وسطه وتمويل المعارضين له، وقد أصبح المجلس كسيحا الان .
ومضى إلي القول : لما ظهر تأييد رجال الادارات الأهلية لحملات الزحف الاخضر استخدم حميدتي سلاحه المعهود حيال رجال الإدارة الأهليه واغراهم بالمال، والان يقوم بذات الدور وسط قادة شرق السودان واتهم رسميا بتقديم رشاوي الي قادة الشرق وهنالك تصريحات ترك قبل يومين وجهت اتهاما له بتقسيم وحدة شرق السودان .

استمالة الميرغني الكبير

وأكد دكتور محمد حسن فضل الله، إن ذات الدور لعبه حميدتي وسط الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ، حيث اقنع حميدتي الحسن الميرغني بالتوقيع نظير الحماية والدعم، واليوم بعد أن حددالحزب موقفه يحاول استمالة الميرغني الكبير .
واضاف : اعتقد ان الميرغني الكبير ليست له مواقف حادة وغالبا ستنجح المحاولات بالحاقه بالاتفاق الاطاري.

صعوبة إلحاق الميرغني بالاطاري

وفي السياق نفسه أكد علي يوسف تبيدي الناطق الرسمي باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي (المركز العام) وجود صعوبة في إلحاق الميرغني بالاتفاق الإطاري لجهة مواقفه الوطنية المعلنة، وإلي جهة ترحيب كل قطاعات الشعب السوداني بعودة السيد محمد عثمان الميرغني لأنه يمثل آخر حكماء السياسة بحكم التجربة والعمر ومنذ مجيئه واستقباله ظل الميرغني بعيداً عن اي نشاط اولقاء رسمي، الا ان هناك اخبار تواترت عن زيارة مفاجئة لنائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع حميدتي الميرغني بداره بحضور نجليه (جعفر والحسن) حللها بعض الناس انها في الإطار الاجتماعي والبعض الآخر قال إن الزيارة شبة وساطة بين نجليه قام بها حميدتي رغم تباعد المواقف السياسية بين نجليه كل أحد في ضفة يقف عن الآخر، ثم اعقبتها دعوة حميدتي الميرغني بمادبة عشاء أمها قيادة الدولة وعدد من قيادات الاصل .
واضاف: تبيدي المهم في الأمر ان الاتفاق الاطاري الذي وقع بعض أطراف الأزمة يحتاج لاجماع وطني مؤهل لضمان نجاحه وخاصة ضم شخصية مثل الميرغني لها وزنها وتاريخها ومواقفها بالتاكيد يمثل إضافة حقيقة للاتفاق الاطاري والذي قال في حفل توقيعه حميدتي خطاباً قوياً يؤكد بأن حميدتي يعمل علي إنجاح الاتفاق لايمانه بأنه أصبح المخرج الوحيد في ظل انعدام الحلول الاخرى لكن ستوجهه مشكلة التوفيق بين ( نجلي الميرغني) لأن كل واحد يقف في ضفه عن الآخر مما يجعل صعوبة تأييد كامل من الاتحادي الاصل.
ونوه تبيدي إلي الميرغني ظل اقرب لنجله جعفر من خلال خطاباته والتي كلفه فيها بنائب رئيس الاتحادي الأصل مما يصعب مهمة حميدتي في استمالة كل الحزب الاتحادي الأصل إلى قطار الاتفاق الإطاري.

مأدبة عشاء حميدتي

وكان رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قد شرف ، مأدبة العشاء التي اقامها نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو على شرف عودة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، بحضور عضوي مجلس السيادة مالك عقار والدكتور الهادي ادريس وعدد من الوزراء ورؤساء الاحزاب السياسية،وقادة الحركات الموقعة على السلام ورجال الإدارة الأهلية والطرق الصوفية ورجال الأعمال.
ورحب نائب رئيس مجلس السيادة بجميع الحضور، مثمناً جهود مولانا السيد محمد عثمان الميرغني الوطنية والسياسية، وقدم حميدتي التهانئ والتبريكات للشعب السوداني بمناسبة اعياد الاستقلال المجيدة وذكرى ثورة ديسمبر.
وحيّا حميدتي حسب بيان صادر عن اعلام مجلس السيادة، مجاهدات الرعيل الأول وفي مقدمتهم السيد اسماعيل الأزهري والسيد علي الميرغني والسيد عبد الرحمن المهدي والأستاذ عبد الرحمن دبكة وغيرهم من الرواد الوطنيين الذين أسهموا في استقلال السودان ،داعياً الجميع الى الوحدة والتكاتف والعمل على استقرار وتنمية السودان، والاهتمام بالمواطن والنظر لمصلحة البلاد والعمل على نهضتها ونبذ الفرقة والشتات.
من جانبه شكر مولانا محمد عثمان الميرغني الفريق اول دقلو على الدعوة، وحيّا الشعب السوداني قاطبة، داعياً للسودانيين بالتوفيق والسداد والنجاح في جميع مساعيهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق