رأي
من سيكون غورباتشوف السودان ….؟ د. عبدالكريم محيي الدين
من سيكون غورباتشوف السودان ….؟
د. عبدالكريم محيي الدين
تسبب رئيس الاتحاد السوفيتي ميخائيل غورباتشوف في تفكك أقوى دول اتحاد كانت تحافظ على التوازن و الأمن الدوليين و ذلك بتبني سياسة اقتصادية جديدة دون إعداد عدتها . او تعمد سن تلك السياسة واهمال الاستعداد لها …
البيريسترويكا ( اعادة هيكلة الاقتصاد ) هي السياسة التي تبناها ميخائيل غورباتشوف و قصد منها محاربة المركز لتاخذ الجمهوريات السوفياتية وضعية الاستقلال الاقتصادي …
و بهذه الخطوة ضرب غورباتشوف الاقتصاد السوفياتي الموحد و بدأت جمهوريات الاتحاد تأخذ الخطوة التالية وهي الاستقلال السياسي او ما يسميه الغرب ( التحرر و الحرية ) …
انهار الاتحاد السوفياتي في الخامس و العشرين من ديسمبر للعام 1991 م و اصبح غورباتشوف هو رجل الحرية و الديمقراطية في نظر الغربيين بينما اصبح هو الشرير العميل في اعين و افئدة الشرقيين …
إن فرض الديمقراطية و الحرية و هيكلة الاقتصاد و الجيوش على البلدان ، لا يعني بها الغرب أبدا رفاه الشعوب و استقلالها بقدر ما يقصد بها تمرير اجندته و تحقيق مصالحه في تلك البلدان …
قد حقق التحالف الغربي الخطوة الأولى في السودان ( اعادة هيكلة الاقتصاد ) فادت إلى الاختلال الاقتصادي الماثل الذي افقر الغني و سحق الفقير و أوقف الإنتاج و عطل القوى العاملة و الفاعلة …
تبقى ان يحقق الخطوة الثانية وهي تفكك وحدة البلاد و انهيار نسيجها الاجتماعي و الجهوي و تفكيك جيوشها و قواها الأمنية فيا ترى أيتم ذلك على عهد الجنرال عبدالفتاح البرهان ؟
بكل التأكيد نعم ، فالمؤشرات كلها تدل على استجابته للأجندة الغربية . فالرجل تخلى عن داعميه داخل الجيش ( ابوهاجة ، الحوري و امثالهما من الضباط الوطنيين ) و داعميه من المدنيين ( نداء أهل السودان ، قوى التوافق الوطني ) و اهمل صوت المخلصين من المدنيين و الجياشة و الذي ينادي بأحقية الجيش في إدارة المرحلة الانتقالية و حياديته . و لم يستجب لتحذيرات العسكريين من النوايا الخبيثة لقوى الحرية و التغيير تجاه الجيش …
أهمل الجنرال كل ذلك و أقبل على التسوية السياسية المعدة من امريكا و حلفائها و التي تقضي بتسليم البلاد لخصومه السابقين و الذين لا يمثلون من السودانيين إلا عددهم المفاوض و المراوض ، و الذين ليس لهم من البرامج و الخطط لحكم السودان إلا تلك الوصفات المعدة من دول الترويكا وما يدعمها من العرب …
سيكون البرهان هو نفسه ميخائيل غورباتشوف إن نفذ ما تبقى من خطط الغرب لتدمير السودان ، سيكون هو ذاته غورباتشوف إن قبل التغيير الجذري للسودان دون موافقة الشعب السوداني ، وهو نفسه سيكون غورباتشوفا إن لم يلجأ الى شعبه و يحتمي بدينه الاسلامي و قيمه السودانية …