رأي

سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب صلف نتنياهو وشهداء فلسطين والسلم الخماسي وصدى سلم الجنجويد !

سفر القوافي
محمد عبدالله يعقوب

صلف نتنياهو وشهداء فلسطين والسلم الخماسي وصدى سلم الجنجويد !!

لست ( فقيها موسيقياً ) – إن جازت العبارة – غير أن أحد المتنطعين من جيراني سألني عن السلالم الموسيقية ولماذا نحن سلمنا خماسي وتسعة أعشار العالم يترنمون ويترنحون على السلم السباعي ولماذا ولماذا ؟ ، فقلت له يا أخي إن فهمي عن الموسيقى لا يتعد فهمك إطلاقاً ، هذا إن لم أكن أقل منك ولكنني حاولت كتابة الشعر شيئاً ما ، ومعلوماتي في الموسيقى كمعلومات الرئيس الأمريكي جو بايدن عن فرائض الوضوء ، والآن وجدت هذه الإفادة للأستاذ يعقوب فرج بكلية الموسيقى والدراما ، علها تشفي غليل جاري ( البراي ) والتي يقول فيها الأستاذ فرج 🙁 ظلت موسيقانا الجميلة حبيسة الأصوات الخمسة التي تُعرف بالسلم الخماسي.. وهذا السلم ليس وقفاً على الموسيقى السودانية كما رسخ في أذهان البعض. بل هو سلم بدائي قطري تغنت عليه كل الشعوب قبل أن تطور بعض هذه الشعوب فنونها الموسيقية.
 وقد سبقنا الغربيون بابتداع نظام موسيقي مبني على السلم السباعي استطاعوا من خلاله تغطية كل أصوات الطبيعة، وهو مبني على أسس رياضية منطلقة من نظرية «فيثاغورث» التي تمت بموجبها عملية قياس الذبذبات الصوتية لكل نغمة مع الأخذ في الاعتبار البعد اللحني بين درجة صوتية وأخرى للدوزنة الآلية والانتقال من نغمة الى أخرى في تسلسل منطقي محكوم بدرجة أساس السلم المعني صعوداً أو هبوطاً.. وهذا النظام الغربي أصبح مناهج دراسية تقود الدارس الى أعلى درجات الإتقان سواء أكان ذلك للتكنيك الآلي أو الصوت البشري.. 
ولكن يبدو أن ملحني الأغنية السودانية أكثر تأثراً بمسألة الطابع السوداني، الأمر الذي أضاع علينا الكثير من الجمل الموسيقية الرائعة لأن الملحن قد يضطر الى كسر سياق الجملة الموسيقية تطويعاً لها لتبقى في إطار السلم الخماسي.
 وأود أن أؤكد هنا أن سلمنا الخماسي هذا ما هو إلاّ سلم سباعي ناقص بإسقاطه نصف التون الطبيعي.
 ولعلي أكون أكثر دقة وأقول إن موسيقى الوسط التي أجمع عليها كل السودانيين تؤدى بآلات غربية وتتم دوزنتها على أسس غربية «تيوتنج» فما الضير إذا استدعى سياق الجملة الموسيقية استخدام نصف التون الطبيعي، وقد حدثت بعض التجارب في ألحان الموسيقار محمد الأمين وتقبلتها الأذن السودانية دون الإحساس بالغرابة أو الخروج على الطابع السوداني. واللحن السوداني يظل لحناً سودانياً لأنه يصدر من وجدان سوداني بغض النظر عن أي سلم جاء. وأضرب مثلاً وأقول قد يجرؤ أحد الموسيقيين السودانيين على تأليف سيمفونية كاملة سودانية لأنها صادرة من وجدان سوداني. وما أود إن أقوله إن هذه دعوة للإنطلاق دون التحسس من أننا نتعدى على حقوق الغير. فما أنتجته الحضارة الغربية يظل إرثاً إنسانياً لكل الناس.
 ولا ننسى أن حضارتهم بُنيت على الحضارة الإسلامية. 
وجاء في كتب التاريخ أن أبناء النبلاء في أوروبا كانوا يرسلون الى الأندلس لدراسة الموسيقى في الجامعات الإسلامية. بل أن الأمثلة كثيرة في علوم الطب والرياضيات والفلسفة وغيرها.
 ولا أظننا نريد أن نقلب الحكمة القائلة: «أبدأ من حيث انتهى الآخرون» لنبدأ من حيث بدأ الآخرون. أخشى أن يتبادر الى ذهن البعض انني أدعوا الى إهمال السلم الخماسي والانتقال الى السلم السباعي!! لا أقول بهذا، بل أنني أؤكد أن في السلم الخماسي متسعاً لكل ما سيأتي من ألحان الى أن يرث الله الأرض ومن عليها. 
ولكن ما أدعوا اليه هو الخلاص من عقدة الطابع السوداني المرتبطة بالسلم الخماسي وإلا سنظل أسرى لهذا المفهوم الضيق، في حين أن غيرنا يستفيد من كل ما تقدمه الحضارة الإنسانية. 
ولإعتقادي بأن في السلم السباعي مجالاً أرحب للتعبير عما يجيش في النفس من انفعالات يمكن ترجمتها موسيقياً.. فما لنا كيف نفكر؟! ) .
خروج أول
الآن لعلكم قبلتم (بفتوى) الأستاذ يعقوب فرج في السلم الخماسي بعد أن أوسعه ( ضربا) وخلص الى أنه سلم ناقص ولكنني ما زلت أسيرا لرائعة الشاعر الراحل أبوآمنة ( بنحب من بلدنا ما بره البلد .. سودانية تهوى عاشق ود بلد .. في عيونها المحاسن شئ ما ليهو حد ) بصوت فنان أفريقيا الراحل الذي ألبسها ثوب السلم الخماسي بمقدمتها الرائعة فهل تقبل ( القسمة على السباعي ) ؟ خلونا خماسيين أحسن وأعتى الرياح هي ( رياح الخماسين ) .
خروج أثان
أذكر أنني في المرحلة الثانوية بأم درمان ، أتت لنا إدارة المدرسة بـ( صول ) من سلاح الموسيقى يدعى العم سعدابي ليدرسنا النوتة والعزف على الصفارة الطويلة من أجل تكوين فرقة موسيقية لـ( الكديت ) – التربية العسكرية أيام جعفر نميري –  وبعد ثلاثة دروس أتى سعدابي بـ(الصفافير) ووزعها علينا ، وكنت أكثر الطلاب إعجابا بالصفارة ، فعزف كل واحد من الطلاب المارش العسكري السهل المعروف ( سي دو سي دو ري ري دو ري صول فا سي صول فا ري دو ) على ما أذكر ، وعندما حان دوري جاءت نغماتي الأولى والاخيرة كـ(بوري القطر ) فانتزع مني الصول سعدابي الصفارة وقال لي ( أمرق بره قدومك الشين ده ما خشم موسيقى ) فضحك الطلاب عالياً ، ومن حينها لا أقترب من أي آلة موسيقية حتى إن كانت بنقز ، فقد دمر مستقبلي الفني بعبارة رسخت في الذهن وسار بها الركبان الى يومنا هذا ، فله التحية أينما كان ، والآن ( الفنانين الجد جد ما لاقين عداد ) بعد أن سحب الجنحويد من رؤوسهم جميع ( النوتات) الموسيقية وفرضوا ( سلم الدانة) عليهم ردحا من الزمن ورغم ان القوات المسلحة والمشتركة والأمن قد قضت عليهم إلا أن صدى موسيقاهم المرعبة ما زالت تدوى في رؤوس الفنانين و( المافنانين) من أهل السودان على السواء .
خروج اخير
اشهر صفارات العالم القاتلة الآن تلك التي تدوي في رأس كل ساعة في الأراضي الفلسطينية المقتحمة من قبل جيوش الإحتلال الإسرائيلي الغاشم بقياده المكروه عالميا بنيامين نتنياهو الذي يسعى لإستعباد الشعوب الحرة بعد إنتهاء عصر العبودية والإستعمار في العالم، قاتله الله والجنة والخلود لشهداء فلسطين.

مقالات ذات صلة

إغلاق