رأي
سفر القوافي محمد عبدالله يعقوب .. (( لا يحق لثقافة أن تقيم ثقافة أخرى أو تحاول إقصائها بالقوة )) !!

سفر القوافي
محمد عبدالله يعقوب ..
(( لا يحق لثقافة أن تقيم ثقافة أخرى أو تحاول إقصائها بالقوة )) !!
قبيل الحرب وفي محور فلسفي أطلق عليه الدكتور راشد دياب ” حالة الوجود النفسي ” معرفاً فيه الجمالية العرقية من ناحية منظور فلسفي ، ومن ناحية منظور ثقافي ، لافتاً لأهم تصنيفاتها خاصة عند ارتباطها بالمعاني والدلالات المتجزرة داخل العقل الانساني ، وقال في محاضرة قيمة بعنوان ” الجمالية العرقية ” قدمها في منتدى مركز راشد دياب للفنون حين قال:(( أن هنالك معاني وتصنيفات متعددة للجمال وكلها تلتقي في نقطة واحدة مرتبطة بالقيم والأخلاق الانسانية ، أشار فيها إلى الجمال الفني والجمال العلمي ، وشدد الدكتور راشد دياب على أن الجمال الذي يقصده في هذا العنوان هو الجمال الذي يدفعك إلى أحترام الآخر وثقافته ، ويرى أن الييئة هي المسئولة عن التكوينات العرقية للانسان ، وأضاف أن الجمال في الأساس هو مبني على الوجود الانساني ، وبالتالي هو مرتبط بشكل أو بآخر بالمعرفة التي يكتسبها الانسان داخل نطاق القبيلة التي تتكون من مجموعة من الأفراد بعاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم ، وذكر أن هنالك مشكلة كبيرة جداً تواجه السودان تتمثل في انعدام الرؤية لمعرفة ما هي القبيلة ، وقال كيف يمكنك أن تتجاوز هذه المشكلة بزيادة حجم الوعي الدال على تجاوز الحالة المادية لهذه الرؤية ، وأوضح أن هذا لا يتم إلا بوجود وتطور للحس الجمالي داخل عقل الانسان ، وزاد أن هذه المعرفة لا تكتمل في حالة غياب الحريات ، وأبان أن بعض الناس يعتقدون أن الفنون يقتصر دورها على مسألة الترفيه فقط ، ويرى أن الفنون هي نافذة لمعرفة الآخر ، وطالب الدكتور راشد بضرورة واهمية توظيف الجمال كفكرة تخدم الآخر ، ويرى أن فكرة الانتماء في حد ذاتها هي واحدة من أبرز المشاكل التي تواجه الانسان ، وأمن الدكتور راشد دياب على أن كل الأديان السماوية نادت بفكرة الوجود الانساني في محاولة لانشاء مجتمع قائم على القيم والعدالة والمحبة .
ومن منحى آخر قسم دياب الجمال إلى جمال شعوري وجمال غير شعوري يستبطن داخل القبيلة التي تتفاعل فيها الجماعات بشكل ينتج المعرفة ، وأشار إلى أن الجمال يخلق قيماً متجانسة ، كما أنه يحتاج أيضاً إلى قدرة كبيرة على التعبير ، وقال أن واحد من مشاكل الانسان هي عدم وجود رؤية جمالية واضحة داخل نفسه .
أما في المحور الثاني الذي تعرض له الدكتور راشد ، هو قبول الآخر طالب فيه بضرورة التأسيس لقاعدة جديدة للتفاهم ، وقال لا يحق لثقافة أن تقيم ثقافة أخرى أو محاولة ابراز القوة لاقصائها ، بل أن هنالك وسائل كثيرة يمكن استخدامها لعلاج هذه المشكلة ، واعترف دياب بوجود العنصرية في السودان بالرغم من أن السودانيين يملكون الوعي والتاريخ والحضارة ، ويرى أن هذه الفجوة خلقها الرجل السياسي منذ عهد الاستقلال حيث تم خلق فجوة كبيرة بين السياسي والانسان المثقف ، وبالتالي أن هذه الفجوة ألقت بظلاها على قيمة الزائقة الجمالية ، ونادى راشد في هذا الصدد بأهمية وضع معايير ايجابية لمختلف القيم الجميلة الموجودة في المجتمع السوداني ، وأكد أن التذوق الجمالي تربطه علاقة وثيقة بالحس نافياً وجود معاهد متخصصة تقوم بتدريس التذوق الجمالي بالرغم من وجود الجمال كقيمة فوق كل شيء ، وذهب إلى الحديث عن الهوية السودانية وقال هنالك صعوبة كبيرة في اكتشاف هذه الهوية دون وجود تواصل مستمر مع الآخر ، في الوقت أن هذه الهوية تظهر في كل أنماط الحياة منادياً بسن قانون يحمي الهوية ، مشيراً إلى التأصيل الفكري للهوية وحسب رؤيته أن الهوية هي عمل لمشاريع ضخمة وكبيرة ، وشدد على ضرورة وجود تدريب مستمر في كيفية التعامل مع الآخرين ويرى أن هذا يعد واحداً من الحلول لمشكلة الهوية ، وخلص الدكتور دياب إلى المطالبة بأن يعرف الانسان نقسه ، مشيراً إلى أن هذه المعرفة لا تأتي بالقوة وإنما تأتي باحترام الآخر وثقافته .
خروح أخير
إذن لكي يعود سوداننا الى قيمه التي كان يتباهى بها أمام شعوب قاطبة ولاسبيل الى ذلك إلا بتوفير الدعم اللازم للمشروع الوطني لإصلاح وإعمار النسيج الإجتماعي ، فدون تعزيز ثقافة السلام وقبول الآخر لن تقوم لبلادنا قائمة ونحن مازلنا لم نتعافى من ويلات هذه الحرب الملعونة.
